الخميس ١٠ تموز (يوليو) ٢٠٢٥

ديوان العرب في حوار مع الكاتب فريق المهدي

* موجز السّيرة الذّاتيّة للضّيف :
 فريق المهدي طالب في سلك الدكتوراه بجامعة شعيب الدكالي بمدينة الجديدة المغرب
 أستاذ اللغة الغربية بالثانوي التأهيلي منذ ٢٠١٨
 لديه العديد من المؤلفات غير المطبوعة بعد في مجال الرواية والقصة القصيرة والنقد.
 لديك مؤلّف نقديّ سيُطبع قريبًا بعنوان (إشكالية الأنا والآخر في الرّواية العربيّة وأسئلة ما بعد الاستعمار).

1ـ لماذا اخترت جنس الرواية ليكون كتابك النقدي؟

اخترت الرواية العربية دون الأجناس الأدبية الأخرى لأنها تمثّل مختبراً حيّاً لدراسة إشكاليّات ما بعد الاستعمار بكل تعقيداتها، فهذا الجنس الأدبيّ يتمتّع بمرونة فريدة تسمح له باستيعاب قضايا الهويّة والذاكرة والصراع الثقافيّ، خذ مثلاً رواية "العلامة" لبن سالم حميش التي تعيد تشريح العلاقة بين المستعمِر والمستعمَر عبر لعبة لغويّة بارعة، أو "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي التي تعيد تعريف مفهوم التبعيّة الثقافيّة، أو رواية " كتاب الأمير " لواسيني الأعرج التي أعاد من خلالها صياغة العلاقة بين المستعمِر والمستعمَر، كتابي يحاول تتبع هذه الإشكاليّات عبر تحليل الخطاب الروائيّ العربيّ في علاقته مع تركة الاستعمار، ثم الكشف عن الأنساق المضمرة التي تتسرب إلى الخطاب دون وعي من خلال مجموعة من الممارسات الثقافية والاجتماعية.
2ـ هل تستطيع القصّة القصيرة منافسة الرّواية في جذب القارئ العربيّ؟

في الواقع، لكلّ منهما جمهوره ووظيفته، القصة القصيرة - خاصة في عصر التلقّي السريع - تمتلك قدرة هائلة على إحداث الصدمة والتأثير الفوريّ، أنظر إلى قصة "القبّعة والنبيّ" لغسان كنفاني التي تختزل مأساة اللجوء في بضع صفحات، أو أعمال محمد زفزاف التي تقدم نقداً اجتماعياً لاذعاً في مشاهد سريعة، لكنّ المشكلة تكمن في قلَة المنصّات المتخصّصة للقصة القصيرة، بينما تحتفي دور النشر بالرواية لاعتبارات تسويقيّة.
3ـ - هل جرّبت كتابة القصّة القصيرة جدًّا، ومَن من الكُتّاب المغاربة ترى أنّه أبدعَ فيها؟

كتبت بعض النصوص القصيرة جداً كتمارين إبداعيّة، وهي تجربة صعبة تتطلّب إيجازاً دقيقاً، في المغرب، نجد أحمد بوزفور قد أتقن هذا الفنّ في "الغابر الظاهر"، حيث يصهر السرد بالفلسفة الوجودية في بضع كلمات، كما يتألق محمد عفيفي في "قطرات" التي تلامس الوجود الإنسانيّ بلغة تشبه الهايكو، هذه التجارب تثبت أنّ الإبداع لا يقاس بعدد الصفحات، وإنما بما يحمل من دلالات وإيحاءات لها القدرة على اختزال المشترك الإنساني.
4ـ هل لديك مشاركات في مهرجانات وفعاليّات أدبيّة خارج المغرب؟

حقيقةً، تجربتي ما زالت محليّة لأنّي في بداية مشواري الأدبيّ، لكنّي أحاول أن أشارك بانتظام في الملتقيات المغربيّة مثل "أيام الرواية" في الدار البيضاء و"ملتقى القصة القصيرة" في الرباط، هذه الفعاليات فرصة ثمينة للالتقاء بكتّاب مغاربة كبار مثل:
محمد برادة، ومبارك ربيع، وأحمد بوزفور الذين أتطلع إليهم وأعتبرهم قدوة لي.
5ـ هل يلقى الكاتب المغربيّ الدّعم الكافي من المؤسّسات الثّقافيّة؟

هناك جهود، لكنها غير كافية، مثلاً، وزارة الثقافة تنظّم بعض المسابقات، لكنّ الدعم المادّي ضعيف، معظم الكتّاب يلجؤون إلى النشر الذاتي أو المشاركة في منصّات إلكترونيّة، المشكلة الأكبر هي غياب استراتيجية واضحة لدعم المواهب الجديدة، رغم وجود كفاءات كبيرة تستحقّ الرعاية والدعم.
6ـ كيف ترى وضع الأدب، والنّقد في السّاحة العربيّة؟

حقيقة نعيش مفارقة غريبة، إبداع روائي وقصصي مزدهر، بينما النقد لا يواكب هذه النهضة، ما زلنا نعتمد على مناهج تقليديّة في تحليل نصوص تحمل رؤى معاصرة، نحتاج إلى نقاد يجيدون التعامل مع إشكاليات العولمة ونظريات حديثة من قبيل ما بعد الاستعمار، وما بعد الإنسانية، وغيرها من النظريات التي تشكلت وتجاوزت سابقاتها، وبرأيي أن السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق: هو التركيز أكثر على الترجمة من أجل الانفتاح على أحدث النظريات الأدبية والفكرية، ليس من أجل اعتمادها وكفى وإنما من أجل تجاوزها واستحداث نظريات نقدية وفكرية توائم ما تعرفه الساحة العربية من خصوصية في عصرنا الراهن.
7ـ حدّثنا عن مشاركتك في مسابقة ديوان العرب: ما الفئة الّتي شاركت بها؟ وهل توقّعت الفوز؟

شاركت بقصتي "انعكاس الظل" في فئة أدب المقاومة، وهي تجربة شكلت منعطفاً مهماً في مسيرتي الإبداعية، اخترت أن أقدم عملاً مختلفاً يتجاوز السرد الواقعي المباشر، معتمداً على لغة رمزية تلامس العمق الإنساني للقضية الفلسطينية، كان هاجسي الأكبر هو تحويل المأساة الفلسطينية من قضية سياسية إلى قصة إنسانية عالمية، تلامس وجدان أي قارئ بغض النظر عن خلفيته.
في "انعكاس الظل"، حاولت أن أختزل معاناة شعب بأكمله من خلال لحظات يومية عادية تتحول إلى استعارات قوية، استعنت بتقنيات السرد الحديثة، حيث مزجت بين الزمنين الحاضر والمستقبل، وجعلت من الظل شخصية رئيسية تحمل دلالات متعددة: الذاكرة، الهوية، والوجود المغيَّب، والعالم المنشود.
لم يكن الفوز متوقعاً، لكني كنت مؤمناً بقوة الفكرة وجدواها، الأهم من الجائزة ذاتها كانت ردود الفعل التي تلقيتها من القراء والكتاب المخضرمين الذين أشادوا بقدرة النص على إثارة الأسئلة العميقة بطريقة فنية راقية، أحد الكتاب وصف العمل بكونه "يقاوم بطريقته الخاصة، ليس بالخطب الحماسية، بل بالصور الفنية التي تظل عالقة في الذهن".
هذه التجربة علمتني أن أدب المقاومة ليس بالضرورة أن يكون صريحاً أو مباشراً، بل يمكنه أن يكون أكثر تأثيراً عندما يلامس الذاكرة الإنسانية المشتركة، كما أكدت لي أن التجريب الأدبي، عندما يكون في خدمة الفكرة وليس لمجرد الإبهار الأسلوبي، يمكن أن ينتج أعمالاً ـ مفعمة بالإنسانية ـ مؤثرة تترك أثرها في القارئ.
8ـ هل وجدتَ صعوبة في التّقدّم للمسابقة، وما هي اقتراحاتك للدورات المقبلة؟

أبرز التحديات بالنسبة لي؛ كان ضيق الوقت بين معرفتي بالمسابقة وموعد التسليم، أما بالنسبة لطريقة المشاركة فكانت سهلة جدا، وذلك لم يكن ليحدث دون التنظيم الراقي التي تحظى به الجائزة، والاهتمام من طرف المسؤولين الذين أرفع لهم القبعة من هذا المنبر على حسن تعاملهم وتواضعهم، وعلى صمودهم ومقاومتهم لكل أشكال التضييق الذي أصبح يمارس على كل منبر حر.
9ـ ما أهمّيّة إقامة مسابقات في أدب الصّمود والمقاومة؟

بالنسبة لي فلأهمية المسابقة ثلاثة أسباب جوهرية:
ـــ الحفاظ على الذاكرة من التزييف، وترسيخ مبدأ المقاومة.
ـــ تشجيع الأجيال الجديدة على توثيق نضالات أمّتهم.
ـ إثبات أنّ الأدب الملتزم يمكن أن يكون فنياً راقياً، كما أثبت العديد من الكتاب على رأسهم: غسان كنفاني، محمود درويش، إميل حبيبي، وغيرهم.
10ـ بم تتوجّه لأهلنا في فلسطين الحبيبة باسمك، وباسم الشّعب المغربيّ.

من المغرب، حيث كلّ ذاكرة تروي قصّة مقاومة، ننحني إجلالاً لصمودكم، أنتم لستم وحدكم، فقضيتكم محفورة في ضمير كلّ أحرار العالم، وكما قال محمود درويش:
"على هذه الأرض سيدة الأرض، اسمها فلسطين."
سنظلّ نكتب، نناضل، ونحلم معكم حتى يشرق فجر الحرية وتنجلي ظلمة القهر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى