الجمعة ٢٣ أيار (مايو) ٢٠٢٥
بقلم ميادة مهنا سليمان

حوار مع الكاتبة الأردنيّة الدُّكتورة سناء شعلان

* موجز السّيرة الذّاتيّة للضّيفة المبدعة:

سناء شعلان (بنت نعيمة):

التخصّص: أستاذة دكتورة في الأدب الحديث ونقده+ ناقدة أدبيّة+ أديبة. المهنة: أستاذة الأدب الحديث في قسم اللّغة العربيّة/ الجامعة الأردنيّة. حقول العمل والنشاط: أديبة، وأكاديميّة، وإعلاميّة، وكاتبة سيناريو (سينارست)، ومراسلة صحفيّة لبعض المجلّات العربيّة، وناشطة في قضايا حقوق الإنسان والمرأة والطّفولة والعدالة الاجتماعيّة، وهي عضو في كثير من المحافل الأدبية والأكاديميّة والإعلاميّة والجهات البحثيّة والحقوقيّة المحليّة والعربيّة والعالميّة، وهي الرّئيس الفخري لمنظّمة السّلام والصّداقة الدّوليّة، منظّمة السّلام والصّداقة الدّوليّة، الدّنمارك والسّويد، كما فازتْ بعدّة جوائز وتكريمات. ولها العديد من المؤلّفات للكبار وللصّغار.

1- تُصرّينَ على أن تكون تجاربكِ الأدبيّة كلّها مقترنة باسم والدتكِ، ليصبحَ اسمكِ الفنّيّ (ابنة نعيمة)، ما سبب هذا الإصرار؟

هو وفاءٌ منّي لأمّي الحبيبة الرّاحلة (نعيمة المشايخ) صاحبة الفضل في وجودي في الحياة وفي بنائي الإنسانيّ والإبداعيّ والحياتيّ كاملاً، كما هي شريكتي في درب الإنجاز، لا سيما الإبداعيّ منه؛ لذلك أردتُ أن يقترن اسمي الأدبيّ باسم أمّي الحبيبة كي يخلد بخلود هذه الإبداعات؛ فالنّصّ هو الخالد الوحيد في الحياة بعد فناء البشر أجمعين.

2- في هذهِ اللّحظة، كيف تتذكّرينَ أمَّكِ، كطفلةٍ، أم كأنثى ناضجة؟

لا يمكن أن نكون في ظلّ أمّهاتنا إلّا أطفالاً لا نكبر؛ فحنانهنّ يبقي لنا على طفولتنا التي تحافظ على أرواحنا الطّاهرة وقلوبنا النّدية وحيواتنا النّابضة، لكن رحيل أمّهاتنا عنّا يجعلنا فجأة نعجّز، ونضعف، ونبدأ نشعر بالخواء يدبّ في أرواحنا وأجسادنا ومشاعرنا.

3- لماذا رفضتِ ترشيحكِ لجائزة الأردن(جائزة أفضل المثقّفين) للعام ٢٠١٣، وجائزة جمعيّة الجنوب الأردنيّة ٢٠١٤؟

لأنّ هذه الجائزة جائزة غير قابلة فعليّاً للقياس والاعتماد على معطيات حقيقيّة للتّقييم، مثل وثيقة إبداعيّة أو بحثيّة أو ما شابه، كما أنّها تقيس شيئاً لا يمكن قياسه، وهو الثّقافة ومستواها؛ لذلك رفضّتها؛ لأنّها تعطيني تكريماً على شيء غير منظور، لا سيما أنّها تتجاهل الكثير من الأسماء المهمّة في الوسط الثّقافيّ الأردنيّ، وهذا يجعلني أشعر بعدم حياديّتها، ولا تجعلني أعتزّ بفوزي بها؛ إذ لا أستطيع تبريره، كما هم يعجزون عن تبريره كذلك.

4- في روايتكِ (أدرَكَها النِّسيان) نلحظ تقنيّة تعدُّد الرُّواة، وهي علامة حداثيّة في الرّواية الجديدة التي غدتْ- بتعبير النّاقد حميد الحميدانيّ- " لقاء أصواتٍ متعدّدة تتبادل أطراف الحديث".

أنا أؤمن بجدوى تعدّد الأصوات في الرّواية العربيّة المعاصرة؛ لأنّ ذلك يسمح برصد زوايا أعمق في الرّؤى وفي إظهار المشاعر والأفكار والزّوايا الإنسانيّة.

5- هل يُؤخَذ على كاتب الرّواية أن يكون الرّاوي شخصاً واحداً في روايته؟

كلّ رواية هي مَنْ تفرض شروطها وتقنيّات إبداعها، وهي مَنْ تستطيع أنّ تبرّر ذلك، أو لا تستطيعه، ومن هنا يكون الحكم على جودة الرّواية وقوّتها وتميّزها، أو إخفاقها في ذلك.

6- رواية الفتيان الفائزة بجائزة كتارا (أصدقاء ديمة)، رواية عن أصحاب الإعاقات. لا أجامل إذ أقول بأنّها أبهرَتني من حيث الفكرة، والأسلوب، والذّكاء في رفد القارئ بمعلومات قيّمة.

كنتُ أقرأ وسؤالٌ لحوحٌ يراودني: كيف خطرتْ على بالك تلك الفكرة الذّكيّة للرّواية؟ وهل من تحدّيات واجهتكِ في أثناء كتابتِها؟

يصعب على المبدع أن يتحدّث بالكلمات عن كيفيّة ولادة الفكرة في ذهنه، وكيفيّة تخلّقها، وهي مراحل جميعها تصبح متجسّدة فقط عندما تنزل على الورق في ظلّ إلحاح الفكرة على المبدع بأدواته الإبداعيّة التي يملكها، لا سيما أنّني كنتُ قلقة جدّاً من هذا الموضوع الذي يلحّ عليّ، وواجهتني صعوبة كبرى فيه، وهي محاولتي لتقمّص ذوات الأطفال أصحاب الإعاقات لمحاولة رؤية العالم من منظور رؤاهم، ومحاولة تنزيل ذلك على الورق في أقرب صورة متخيّلة وممكنة عن أولئك الأطفال أصحاب الإعاقات الجسديّة والذّهنيّة المختلفة بعد أن قرأتُ كثيراً في الكتب الطّبيّة والنّفسيّة والعلميّة المتخصّصة حول إعاقاتهم وخصوصيّتها وإشكالاتها وتحدّياتها.

7- تكتبين السّيناريو، فهل لديكِ نصوص حُوّلتْ إلى مسلسلات، وكونك معلّمة دراما، هل من أسماء أردنيّة شابّة تتوقّعين لها نجاحاً وبريقاً؟

لم يتمّ الآن خروج أيّ عمل من أعمالي الدرّاميّة إلى الشّاشة الصّغيرة أو الكبيرة؛ فأنا لم أتلقّ بعد الفرصة المناسبة لذلك. أمّا الأسماء الشّبابيّة الأردنيّة التي أتوقّع لها نجاحاً، فحتى الآن لم أجد اسماً شبابيّاً مبهراً في تقديم الدّراما الأردنيّة على حدّ متابعتي؛ إذ ما تزال الدّراما الأردنيّة غير قادرة على تجاوز إبداعات جيل الرّواد المبدعين حقّاً الذين قدّموا الدّراما العربيّة للوطن العربيّ كلّه في أجمل حلّه على الرّغم من محدوديّة الموارد الماليّة والإنتاجيّة إبّان ولادة نجوميّتهم.

8- تقولين في أحد حواراتك: "إنّ الشّعر والقصيدة هي صلاة الرّوح والبوح للمشاعر الصّافية"، أيّهما أجمل: كتابة قصيدة من وحي تجربة شخصيّة أم من وحي الخيال فقط؟

الخيال دائماً هو الأعظم في الإبداع ومحرّكه للإنتاج، على الرّغم من أنّ الواقع –في كثير من الأحيان- هو أغرب من الخيال.

9- حدّثينا عن عملكِ كناشطة في قضايا المرأة والطّفولة والعدالة الاجتماعيّة.

أحاول أن أبذل جهدي في هذا الشّأن عبر المنتج الإبداعيّ والنّقديّ والإعلاميّ لي، لا سيما في مواضيع الحرّيّة والعدالة والإخاء والأمومة والطّفولة وأصحاب الاحتياجات الخاصّة، وموقعي في الرّئاسة الفخريّة لمنظّمة السّلام والصّداقة الدّوليّة يساعدني في ذلك كثيراً.

10- لديكِ اهتمامات أدبيّة عديدة، ومنها المسرح للكبار والصّغار، كيف ترين الحركة المسرحيّة في بلدكِ؟

أرى أنّ المسرح الأردنيّ هو مثل المسرح العربيّ الذي يشبه الإنسان العربيّ، ويشبه واقعه كذلك؛ إذ هو متعثّر قلق لا جمهور حقيقيّ له، ولا يقدّم لنفسه أو لجمهوره المنكمش إلّا المزيد من الملل والانكفاء والانقطاع عن مجتمعه وقضاياه؛ لذلك يظلّ وحيداً أسيراً لأجندات بعيدة عن الجماهيريّة والتّأثير لا سيما في ظلّ وجود جماهير تريد المسرحيّات الهزليّة المفرغة من المضمون والشّكل التي تهبهم تهريجاً لا قيمة له استجابة لجمهور غير نخبويّ حتى لو كان يحمل شهادات تعليميّة متوسّطة أو عليا؛ إذ هو جمهور لم يرث مسرحاً مؤثّراً، ولا يملك أعرافاً مسرحيّة عريقة، أو حتى غير عريقة.

11- تعملين كأستاذة للأدب الحديث ونقده في الجامعة الأردنيّة في الأردنّ، كما حاضرتِ عدّة دول غربيّة، كيف تجدين التّعليم لغير العرب، ما صعوباته، وما ميّزاته؟

لستُ متابعة كثيراً لهذا الخطّ في التّعليم، ولستُ مهتمّة به، أنا معنيّة بالأدب ونقده؛ إذ إنّني مغرمة بما بعد اللّغة، لا ما قبلها، لكن ذلك لا ينفي أهميّة هذا الخطّ التّعليميّ في نقل العربيّة وتراثها إلى أصقاع العالم.

12- لديكِ عدّة عواميد صحفيّة في عدّة صحف ومجلّات، ما أبرز المواضيع التي تكتبين عنها للصّحافة، وهل توجد رقابة على حرّيّة الفكر في بلدكِ؟

ليس هناك حرّيّة فكر في أيّ مكان في العالم بما تحمل الفكرة من معنى حقيقيّ لتعبير (حرّيّة الفكر)؛ فالعالم كلّه سلطويّ وقهريّ؛ إنّما ما يختلف هو شكل هذه القهريّة التي تكون في العالم الغربيّ بشكل ناعم، وإن كان فاتكاً، في حين هو في العالم العربيّ وفي كثير من أصقاع العوالم المتأخّرة بشكل فجّ وخشن، وفي ظلّ ذلك أحاول أنا وغيري م الكتّاب والمبدعين أن نكتب آراءنا بصدق في وسط حقول من الألغام التي قد تنفجّر بنا في أيّ لحظة كانتْ، لا سيما إنْ حاولنا أن نكتب عن قضايا جادّة، مثل العدالة والحرّيّة والمساواة والمساءلة القانونيّة والمجتمعيّة.

13- هل من تجارب مزعجة، أو مجحِفة لكِ مع دُور نشر محلّيّة، أو عربيّة؟

شأني في ذلك شأن معظم الكتّاب العرب في تعاملهم مع دور النّشر العربيّة التي معظمها لا تحترم أدنى درجات حقوق الملكيّة للمبدع، وتجيّر إبداعه لصالحهم لا سيما في المجال الماليّ؛ فيتحوّل المبدع وإبداعه لطريقة لإثراء النّاشر الذي يجيد –في الغالب- التّهرّب بشتّى الأساليب من تمكين المبدع العربيّ من الحصول على حقوقه المُتّفق عليها في عقود النّشر الموقّعه بين الأطراف جميعها.

14- الأقلام الأردنيّة المبدعة، هل أعطتِ القضيّة الفلسطينيّة حقّها؟
وبماذا تختمين حوارنا إبداعيّاً لأهلنا في غزّة الحبيبة؟

مشاركة القلم الأردنيّ في ذلك مهمّة شكلاً وموضوعاً، وكمّاً ونوعاً واستمراريّة، وأنا شخصيّاً أعتزّ بكلّ كلمة شاركتُ بها في دعم القضيّة الفلسطينيّة؛ إذ الأدب المقاوم لصالح نضال الشّعب الفلسطينيّ هو واجب مقدّس على كلّ قلم شريف في هذا الكون في ظلّ إيماننا جميعاً بأنّ الشّعب الفلسطينيّ ومَنْ يسانده من أشراف البشريّة لا بدّ أن ينتصروا في تحرير الأرض والإنسان؛ فهذا ناموس من نواميس العدالة السّماويّة في الأرض، وهو يتجلّى في عودة الأرض إلى أهلها الحقيقيين مهما طال عمر الاستعمار والانتهاك والاعتداء عليها؛ فلا بدّ أن يندحر الغزاة الصّهاينة والمتصهينين، وأن تبسم الأرض لأهلها من جديد لأهلها الفلسطينيين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى