
واقع الشباب العربي في جوجل
لم يبق شاب عربي في وطننا إلا وانغمس في البحث والتنقيب عن المواقع والميادين والزوايا في العالم، وزار الدنيا وتوقف عند أجملها أو أخبثها ونال المجد في التجوال!! ومن الشباب من تجول في العلوم والمعرفة والآداب والتكنولوجيا والجغرافيا والتاريخ، ومنهم من تجول في السياسة والأحداث الغريبة والخطيرة والمعرضة للعالم للفناء على يد الإنسان والظلم والحروب! ومنهم من توقف طويلاً عند الآلام ووضع آراءه لخدمة البشرية وعلومها وذلك قليل!
لكن ومع الأسف فإن أغلب الشباب العربي أفلت من الحشمة لدى انقشاع التكنولوجيا وفضائها في كل ركن وزاوية وفي البيوت والمقاهي والمؤسسات والمدارس والجامعات، حتى أصبحت الدنيا عبارة عن خيوط عنكبوت لزجة تجذب البشرية وتلصقها في الشاشات المتصارعة على كل جديد في عالم الاستقطاب التجاري!. فنال الطرب والغناء والبحث عن الإباحة ميادين العنكبوت وطمعت الشركات بالترويج والبيع والعروض لدى تفاقم الطلب وزاد العرض! بينما أثبتت دراسات وإحصائيات في مايكروسوفت الخادم للبشرية أن المطلوب والمشترى في البرامج الترفية والطربية وتوسعة الخدمات في المواقع الخلاعية تفوق بنسبة لا تقل عن ثلاثين بالمائة عن المشترى والمطلوب في عالم المعرفة والعلم والسياسة والاختراعات والبرمجة المتطورة! وهذا يؤشر على نفسية البشرية من الشباب والوهم المغرق لهم في عوالم الضياع والترف والبحث عن الملذات أكثر من الجد والخدمات العلمية والمعرفية! واعتقد أن هذا سيعود بعكس المأمول للأجيال ويعد بمستقبل أكثر ظلاماً من أيام القلم والقرطاس والبحث في دفتي كتاب بما تيسر من سطور وموسوعات، فالكثرة والضخ واختلاط الحابل بالنابل وعدم قدرة الشباب على المتابعة للإمساك بكل علم جديد في الحياة دون تخصص ودون تنسيق بين الشبكات التي انهمرت في آن وحرية فائضة العلوم والتكنولوجيا، ربما أودى بهم في عالم الهروب للملذات والطرب والقبض بالجو جل السحري دون خوف! وربما لأنهم يعتقدون أيضاً أن جوجل هي بالعربي (الجوال) الحر بلغتهم.
وما يهمنا هنا إن الشباب العربي بالذات أصبحوا هموم المستقبل وهم المستقبلون لكل إشعاع علمي تكنولوجي وترفي فيه الترف والطرب والغناء، والإباحة، وبحيث أن لا رقيب ولا حسيب على مكنونات تلك الشاشات حين تفتح الأسرار أمام الشباب فإن الأسرة والرقابة لا تعي خطر ما يدور من سلوكيات كارثية على أجيال الشباب! وحيث لا تنسيق بين الدول العربية وقطاعات المسؤولية عن الشباب، لا بل فإن المطروح حول التحرر وفتح الشاشات للشعوب هي من سبل الديمقراطية المتوخاة في العالم، وقام العرب واخذوا الشأن المتحرر إلى حد القمة الرأسية من القدم! ونسوا التخطيط الكامن في البرامج السياسية العالمية ضمن رياح الغزو الثقافي الذي نبت في البيوت وفي العقول دون توقع من جوجل نفسه حين رسم الخارطة فجاء النتيجة أعظم من توقعاته في الخير وعم الشر في المساحات المفتوحة على مصراعيها، وها نحن نجد الشباب يملئون ال ((ipod بالأغاني وهز الرأس ليل نهار دون صحوة ودون اهتمام عظيم من الشاب بعلمه وتحصيله الدراسي بنفس الحجم الذي يوليه في هز الرأس على أنغام آلاف الأغاني التي يتسع لها الآيبود المخترع، والذي اسميه صاروخ الطرب! ومع أشد الأسف فقد يبتسم الجو جل لمن يتلمسه بأصابع في البحث عن الطرب والمطربات والإباحة ولا يحد من حركة أحد! وقد يفتح اليوم ذراعيه لكل من هب ودب في مساحة العالم الثرية دون أن يفكر أو يخشى الباحث من مغبة غضب الجو جل في المستقبل القريب.