السبت ٢٨ حزيران (يونيو) ٢٠٢٥
بقلم محمود لطفي السيد إسماعيل

اسْمِي دَمٌ وَالصَّبْرُ مِحْرَاثُ الْبَقَاءْ

اسْمِي دَمٌ فِي الْأَرْضِ يزْهرُ لَوْ ذَبَلْ
وَمُقَاوِمٌ فِي قَبْضَتِي حَجَرٌ وَفي عَيْني سِنا
أَمْشِي عَلَى دَرْبِ الشَّهَادَةِ، لَا أَمَلْ
أودعْتُ فِي عَيْنِي ضِيَاءَ كَرَامَتِي
أَمْشِي، وَأَحْمِلُ فِي الضُّلُوعِ قَصِيدَتِي
وَأَخِيطُ بِالْأَنْفَاسِ أَحْلَامَ الْمُقَلْ
لَا الموت يَرْهَبُنِي، وَلَا قَيْدُ الْأَسَى
وَأَعلِّقُ الْآهَاتِ في ثَوْبِ الْأَمَلْ
أَنَا مَنْ يُغَنِّي لِلرَّصَاصِ، كَأَنَّهُ , لَحْنُ الصَّلَاةِ إِذَا تَرَدَّدَ فِي الْجَبَلْ
فَأَنَا الْقَصِيدَةُ حِينَ يَكْتُبُهَا الشَّهِيدْ
وَأَنَا السِّلَاحُ إِذَا تَنَفَّسَني الْقَصِيدْ
وَأَنَا الْمَدَى، وَالْحَرْفُ إِنْ كَتَبَ الرَّصَاص عَلَى الصُّدُورِ رُؤَى النَّشِيدْ
مِنْ بَيْنِ أَطْلاَلِي هُنَا , مَا زِلْتُ أَرْتَشِفُ الرَّحِيقْ
وَكَأَنَّ أُمِّي لَمْ تَزَلْ , فِي شُرْفَةِ الْبَيْتِ الْعَتِيقْ
تَرْنُو لَطِيفٍ مِنْ أَبِي, قَدْ لَاحَ فِي أُفُقِ الطَّرِيقْ
وانْسَاب مِنْ مَاضِي الحَنِينِ كَزَهْرَةٍ بَيْنَ الرُّكَامِ
ظِلٌّ لِجَدِّي جَالِسًا وَبِثَغْرِهِ طَيْفُ ابْتِسَامْ
نَادَيْتُهُ بِمَلَامِحِي: إِشْتَقْتُ يَا جَدِّي إِلَيْكْ
وَبِدَاخِلِي طِفْلٌ صَغِيرٌ لَمْ يَزَلْ يَشْتَاقُ أَحْضَانًا لَدَيْكْ
آوَّاه، يَا قَمَرِي الْعَجُوزُ مِنْ النَّوَى وَحَنِينِ أَحْلَامِ اللِّقَاءْ
مَا عَادَ فِي قَلْبِي سِوَى بَرْد الشِّتَاء
مِنْ بَعْدِ أَصْوَاتِ الْمَآذِنِ بِالْتَّبَتُّلِ وَالدُّعَاءْ
وَرَنِيمِ أَجْرَاسِ الْكَنَائِسِ فِي السَّمَاءِ
لَمْ يَبْقَ فِي سَمْعِي سِوَى وَقْعِ الْقَنَابِلِ وَالرَّثَاء
وَبِخَاطِرِي لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ حِكَاياتِ الْمَسَاءِ
إِلَّا وَصَايَاكَ الْأَخِيرَةُ عَنْ خَيَالِي لَا تَغِيبْ
"هَذي الْبِلَادُ لَنَا"، وَإِنْ ضَاقَ الْفَضَاءْ
فِي كُلِّ شِبَرٍ مِنْ ثَرَاهَا قِصَّةٌ سُطِّرَتْ بِأَنْهَارِ الدِّمَاءِ
قُمْ، لَا تَساوِمْ، فَالْعُلَا لَا يُشْتَرَى وَالصَّبْرُ مِحْرَاثُ الْبَقَاءْ
وَالْأَرْضُ أُمٌّ لَا تُبَاعُ، وَلَا تُهَانُ وَلَا تُقَايَضُ بِالذَّهَبْ
لَا عَاشَ مَنْ رَضِيَ الْهَوَانِ لِعَرْضِهِ وَلِأَرْضِهِ أَنْ تُغْتَصَبْ
وَالْمَوْتُ فِي سَاحِ الوَغَى أَسْمَى مِنَ الْعَيْشِ الْمُذِلِّ عَلَى الْخُطَبْ
لَا تَلْتَفِتْ لِندَاءِ مَنْ خَدَعُوكَ يَوْمًا بِالْإِدَانَةِ وَالشَّجَبْ
لَا تَكْتَرِثْ لِبُكَائِهِمْ, فَقُلُوبُهُمْ صَارَتْ خَشَبْ

قُلْ: لَنْ نَمُوتَ، وَإِنْ بَقِينَا وَحْدَنَا، فَالْحَقُّ فِينا، وَالْيَقِينُ لَنَا نَسَبْ
نَحْنُ السَّنَابِلُ إِنْ نَمَتْ فَوْقَ الدِّمَاءِ، فِي خَيْمَةٍ نُولَدْ، وَفِي زَيْتُونَةٍ
تَارِيخُ أَرْضٍ لَا تُوَارِيهِ الحُقَبْ
نَحْنُ الثَّبَاتُ، وَإِنْ تَهاوَى الْجَمْعُ مِنَّا وَانْقَلَبْ
نَحْنُ الْجُذُورُ، وَهُمْ عَلَى الْأَرْضِ الزُّغَبْ
يَا مَنْ سَمَا فَوْقَ الدُّخَانِ، وَأَوْجَعَتْ أَحْلَامُهُ
يَا مَنْ عَلَى جَبَهَاتِهِ نَزَفَ الْحَطَبْ
يَا مَنْ بَنَوْا فِي أَرْضِهِ جُدْرَانَ قَهْرٍ فَاغْتَرَبْ
سِرْ، إِنْ وَقَفْتَ، فَإِنَّ دَرْبَكَ مُظْلِمٌ وَالشَّمْسُ تَشْرُقُ بِالدِّمَاءِ وَبِالْغَضَبْ
فَاصْرِخْ إِذَا الْأَقْصَى يُنَادَى بِالْبُكَا، وَاصْرِخْ إِذَا الزَّيْتُونُ يَوْمًا يُنْتَهَبْ
كُنْ كُلِّ طِفْلٍ قَدْ رَمَى حَجَرَ الْمَدَى، وَبَنَى مِنْ الْأَشْوَاكِ دَرْبَ طُفُولَةٍ
وَمَشَى عَلَى الْأَلْغَامِ، لَا يَخْشَى اللَّهَبْ
مَا خَافَها، بَلْ خَافَ مِنْهُ الْمَوْتُ لَوْ مَنْهُ اقْتَرَبْ
إِنَّ الشَّهَادَةَ فِي سَبِيلِ كَرَامَةٍ، تَاجٌ، وَسِرُّ الْخُلْدِ فِيهَا مُكْتَسَبْ
فَاصْرِخْ وَقُلْ لِلْعَـالَمِينَ أَنَا هُنَا
بَاقٍ وَأَبَدًا لَنْ أَبِيعَ، وَلَنْ أَخُونَ، وَلَنْ أَهَبْ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى