

تـكـبـيـرة مـن مـئـذنـة المـجـد
أَجِبْ جِرَاحَكَ إِنَّ النَّهْرَ قَدْ يَبِسَا
وَانْثُرْ دُمُوعَكَ إِنَّ الشِّعْرَ قَدْ يَئِسَا
صَلْصِلْ نَوَاتَكَ ، مَا لِلْجِلْدِ مُنْهَمِرًا
وَالقَلْبِ مُكْتَئِبًا وَالدَّمْعِ مُنْبَجِسَا
هَدْهِدْ لَظَاكَ فَإِنَّ النُّورَ مُلْتَبِسٌ
عَلَى العُيُونِ فَأَضْحَتْ لَا تَرَى قَبَسَا
اليَوْمَ لَا فَرَحٌ يَدْنُو لِأَوْجُهِنَا
فَكَيْفَ يَدْنُو وَوَجْهٌ آخَرُ ابْتَأَسَا
اليَوْمَ قَلْبٌ يُنَادِي حَجْمَ غُصَّتِهِ
قَدْ ذَابَ حُزْنًا عَلَى إِخْوَانِهِ وَأَسَى
فَالعَيْنُ لَوْلَا جِرَاحُ الأَهْلِ مَا نَزَفَتْ
وَالشِّعْرُ لَوْلَا دُمُوعُ العَيْنِ مَا نَبَسَا
حَيِّ الرِّجَالَ بِأَرْضِ الخَالِدِينَ فَهُمْ
رَيْحَانُهَا وَهُدَاةُ القَوْمِ وَالبُؤَسَا
مَنْ أَنْكَرُوا البَغْيَ وَالعُدْوَانَ وَانْتَصَرُوا
لِلْأَهْلِ، فَالوَطَنُ المَسْلُوبُ قَدْ أَنِسَا
مَنْ عَلَّمُوا المَجْدَ وَالتَّارِيخَ مَكْرُمَةً
وَأَسْرَجُوا النُّورَ فِي حَرْبِ الدُّجَى فَرَسَا
مِنِ ابْتِسَامَاتِهِمْ ظَلَّتْ سُيُوفُهُم
تُرْدِي الطُّغَاةَ فَلَا تُبْقِي لَهُمْ نَفَسَا
أَيْدِي الطُّغَاةِ بِأَيْدِيهِمْ مُصَفَّدَةٌ
لِسَانُهُمْ مِثْلُهَا لِلْيَوْمِ مَا نَبَسَا
وَطَرْفُهُمْ لَا يَرَى نَوْمًا إِذَا ظُلِمُوا
يَبِيتُ يَشْكُو الكَرَى إِنْ ضِيمَ وَالنَّعَسَا
غَرَّ اللَّيَالِي بِهِمْ عِزٌّ وَمَفْخَرَةٌ
وَيَوْمُهُمْ إِنْ أُذِلُّوا اِكْتَسَى الغَلَسَا
حَيَّتْ مَعَانِي الوَفَا فِيهِمْ ، وَمَا انْدَثَرَتْ
تِلْكَ الأَمَانِي فَإِنَّ اليَأْسَ قَدْ دَرَسَا
مِنْ غَزَّةٍ أَدْرَكَ التَّارِيخُ عِبْرَتَهُ
وَعِبْرَةُ الدَّهْرِ فِي عَبْرَاتِ مَنْ تَعِسَا
قَدْ أَصْبَحَ الخُبْزُ حُلْمًا عَزَّ مِنْ طَلَبٍ
مَنْ قَالَ أَنَّ الأَيَامَى تَشْتَهِي الأَنَسَا؟
مِنْ صُورَةِ الطِّفْلِ فِي أَحْضَانِ غَزَّتِهِ
لَمْ يَعْرِفِ القَلْبُ لَا حِقْدًا وَلَا دَنَسَا
هِيَ المَنِيَّةُ قَدْ أَفْضَتْ لِغَزَّتِنَا
بِأَنَّ أَطْفَالَهَا فِي جَنَّةٍ رُؤَسَا
جَاسُوا الحُرُوبَ بَرَاكِينًا فَمَا وَجِلُوا
وَصَيَّرُوا المَوْتَ فِيهَا مَرْكَبًا سَلِسَا
عَلَى مَآثِرِهِمْ نَامَتْ ضَمَائِرُنَا
وَخَلْفَ أَحْلَامِهِمْ يَغْفُو الصَّبَاحُ مَسَا