الأربعاء ١٤ آذار (مارس) ٢٠٠٧

على خلفية الحملة الأسبوعية في بلعين، يُطرح السؤال:

لماذا بلعين؟

عرض أول: إقرث وبرعم 1967

بعد حرب حزيران وانتهاء الحكم العسكري، فتحت إسرائيل جميع الجسور والحواجز بين الضفة الغربية وقضاء غزة الأردن، لكن مكانا واحدا أصبح منطقة عسكرية مغلقة: منطقة القريتين الجليليتين أقرث وكفر برعم. في حينه نظم اليسار الإسرائيلي الذي امتد من الحزب الشيوعي الإسرائيلي وجميع الذين كانوا على يسار المباي، مظاهرات صاخبة تغطيها وسائل الإعلام المحلية والعالمية تغطية جيدة للغاية، من أجل عودة السكان. ورافق هذه الحملة أعمال ناجحة مشتبهة بها؛ قرارات محكمة العدل العليا التي قد تَأرجحت تارة لصالح الأهالي وتارة لصالح السلطة. في نظرة إلى الوراء يبدو أن الحملة كانت عرضا متزامنا جيدا على يد سلطات المباي وتعاون اليسار، حملة استهدفت تركيز نقاش عام وصاخب حول القريتين، وذلك معناه منع نقاش أوسع حول حقوق جميع اللاجئين الفلسطينيين. إقرث وكفر برعم كانتا لا أكثر من تضبيب على تدمير كل الباقي؛ تدمير أكثر من 500 قرية وبلدة ومدينة فلسطينية، ترافقها المجازر والتهجير القسري وأعمال الاغتصاب والسلب والنهب، في مشاركة اليسار، وما في ذلك الحزب الشيوعي الإسرائيلي. هذه الأعمال لم تُسجل في القريتين، ولهذه السبب تم اختيارالقريتين للنضال المشترك: لقد طلبت بأدب السلطات الصهيونية أهالي القريتين مغادرة بيوتهم لفترة محددة. وبأدب جم غادر السكان ولم يعودوا إلى اليوم.

كان النضال من أجل إقرث وكفر برعم نتاج إستراتيجية نموذجية للمباي بتعاون واع أو أقل وعيا، من جانب اليسار الأشكينازي الذي يتمتع حتى اليوم، ككل المستعمرين الأوروبيين في هذه البلاد بجميع الامتيازات العجيبة التي وُلِدت عام 48 في أعقاب التطهير العرقي الكبير واحتلال فلسطين.

عرض ثاني: بلعين 2007

ولماذا قد تذكرت قضية إقرث وكفر برعم في هذه الأيام؟
دي-جا-فو - كما يقول الفرنسيون. نضال ذو سمات مشتركة يدور اليوم في بلعين حول الجدار.
لماذا فقط في بلعين اليوم؟ لماذا فقط في إقرث وكفر برعم حينئذ؟

لا شك أن اليوم كما حينئذ، مصلحة السلطات الإسرائيلية هي تركيز "النضال" في منطقة محصورة ومعروفة سلفا: بلعين، والاستمرار في باق المناطق لإكمال الجدار. هل تذكرون؟ تركيز النضال في إقرث وكفر برعم من أجل التغطية والتضبيب على غالبية موبقات التطهير العرقي، بل، من أجل التغطية والتضبيب على الغنائم الكثيرة الذي يتمتع بها الأسياد البيض في المشروع الصهيوني. يمكن تسويق النضال في بلعين إعلاميا بصورة جيدة في العالم؛ أوروبا وأمريكا، الذي يعتبر نفسه متنورا، والذي ما يزال يدهش من نضالات اليسار الإسرائيلي، نضالات التي ترفع عنه مسؤولية وضع الفلسطينيين، وهكذا تحفظ إسرائيل ماء وجهها الإنساني في الوعي العالمي. وأخيرا، ينجح اليسار الإسرائيلي بإبراز وإظهار أَخلاقيّته الرفيعة، كسب شكر وامتنان الفلسطينيين، ويعود أحيانا مع شيئ من اللبنة والزعتر، ومع كمية محسوبة جيدا من النشاط المثير (أكشِن) حين لا يتنازل بتاتا عن امتيازاته. يُضاف إلى ذلك تحويل الكراهية من أصحاب الامتيازات والربح الكبير إلى الشرقيين من حرس الحدود: البدو والدروز واليهود العرب– جميعهم عرب الذين يدافعون مع مصالح الأسياد البيض. لا خوف من فقدان الامتيازات. بل العكس. هل تذكرون كيف خدم النضال المشترك في إقرث وكفر برعم اليسار ومكنه – أحينا حتى المجرمين منهم الذين أسهموا بالتطهير العرقي عام 48 وكافة حروب إسرائيل ضد الفلسطينيين، حفظ امتيازاتهم وأرباحهم الكبيرة من عام 48 والتظاهر بالرحمة والشفقة تجاه أهل البلاد: الجدار سريعا سيكتمل بناءه، سكان فلسطين 67 "والمستوطنين" سيبقوا خارج الجدار؛ حلم اليسار الإسرائيلي منذ ستين عاما. والأهم: ستبقى الامتيازات هي هي. لا تغلطون: لا أحد من ما يسمى مناضلي الجدار اليساريين (سواء قلة قليلة) لا ينوي التنازل على امتيازاته!

كلمة السر: الديموغرافيا. الامتيازات: أكثرية يهودية. الحديث بالعبرية. وكل ما مرتبط بذلك: مستعمرة أوروبية بيضاء. سلطتها اليهود الأوروبيين يعاونهم بعض عرب؛ يهودا ومسلمين ومسيحيين. جامعات للأوروبيين فقط. شركات برمجة للأوروبيين فقط. كونسيرتات للأوروبيين فقط. سينما للأوروبيين فقط. مسرح للأوروبيين فقط. السجون للعرب؛ اليهود والمسلمين والمسيحيين، فقط، بما في ذلك الشرطي السجان والمحقق، عدا الحاكم طبعا الذي لا يتغير لونه الأبيض. إذا كان شيئا من الخوف أن الأسوء سيحدث: نظام ديموقراطي بمرافقة أكثرية عربية نتيجة تدمير الجدار - والعياذ بِالله - لكان كل اليساريون يركضون الآن ليتعلموا اللغة العربية ويرسلوا أولادهم بتمويل مكثف، غدا، اليوم، البارحة، صباحا. كما لا يبخلون بالمال من أجل يتعلمون اللغة الإنجليزية.

ما العمل؟ وقف المظاهرات في بلعين؟

أعتقد أن هنالك قلة قليلة من الناشطين الذين يقومون بالنشاط السياسي بدوافع حسنة وجدية كما كان الأمر قبل أربعين عاما. من معرفتي الشخصية بهؤلاء القلّة أعلم أنهم يفكرون بشكل جدّي عن الحياة في نظام ديموقراطي داخل أكثرية عربية تتكلم العربية.
لا أقترح التخلي وإهمال السكان. لكن يجب العودة الدرس التاريخي وإعادة النظر فيه.

الكاتبة طالبة ماجستير بالأدب العربي في جامعة تل أبيب، وتدعم حق عودة اللاجئين وإقامة الدولة الديمقراطية دون اعتبار لجنس أو عرق أو دين مواطني هذه الدولة على كامل أرض فلسطين التاريخية. .

لماذا بلعين؟

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى