الأربعاء ٢٧ شباط (فبراير) ٢٠١٣
بقلم
دمٌ صارَ ماءً
تنكّـــرَني وجــــهي وغابـــــتْ ملامـــحي | وصار دمي ماءً بشــرعِ المذابـــــحِ |
أنا الوطنُ المذبوحُ عن بكْـــرةِ الــــــردى | تقاسمَ لحمي أوليــــاءُ المصــــــالحِ |
تكـــالبَ أبنــــــائي وزادَ عقــــوقـــُـــــــهمْ | وأنكرَ أصحابي ربــــاطَ التــــــمالحِ |
أطالـــــعُ في المـــــــرآةِ وجهاً مغــــــايراً | لوجهي كأنّي ما عـــرفتُ ملامــحيْ |
وفتّـشتُ في القاموس عن وصف ما جرى | فتاهَ عن القاموس معنـــى التسامحِ |
دمي صار ماءً بعد ذبـْــحي على يـــــــديْ | فرغمَ قناع الموتِ أعـــرفُ ذابحيْ |
سكاكيـــنُ أغرابٍ وأهـْـــلٍ تكـــــــــــاثرتْ | على جمَـلٍ بين المصـــائبِ طــائــحِ |
فقدتُ زمامَ العيــــشِ من دون رغبــــــةٍ | فحلّ جماحُ الموتِ من دون كابـــحِ |
وشــــــاركتِ الأيامُ في هتْــــكِ فرحـــتي | وقصقصتِ الآلامُ كــلّ جوانـــــحيْ |
أنا الوطنُ المفجـــوعُ أطـْــــلقُ صرختي | وقد قتلوا روحي وشلّــوا جوارحيْ |
تنكّـــرني وجهـــــي وضاعتْ هويّـــتي | وصرتُ غريباً في عروض المسارحِ |
فكم ضاقَ صـــدري من قريبٍ مزاودٍ | وكم زاد همـّـي من قتيـْـــــــلٍ ونازحِ |
تنكّــرتِ الأســــــــماءُ حتّى عروبتي | وصرتُ ذميماً بعد زيفِ المدائــــــــحِ |
لقد غضبَ التاريخُ من مرِّ واقــــعي | ولـــوّنَ آثـــــاري دمٌ ولوائــــــــــحيْ |
وصُودرَ باسْمِ الدين وجهُ أميـّـــــــةٍ | وأحفادُ مروانَ انْتهـــوا بفضائـــــــــحِ |
دمي صار ماءً وانطوتْ كلُّ سيرتي | وحدّتْ مسافاتُ الجراحِ مطامحـــــيْ |
وصبّ عليّ الدهـــرُ وابلَ كيْــــــــدهِ | ووُزِّعَ سرّي بين عاوٍ ونابـــــــــــــحِ |
وما عادَ بي للياســـمين مكانــــــــةٌ | ورائحةُ الموتى أساسُ الروائـــــــحِ |
أراجعُ يـــوماً بعدَ يومٍ مُصيبـــــتي | وما أشبهَ اليــــوم الحزين ببــــارحِ |
تناسلتِ الأوجاعُ من رحْمِ قصّــتي | وعُلـِّـقَ نعيْي في جدار النوائـــــــحِ |
دمي ودموعي عانقا وحشةَ الثرى | وصارَ نعيباً شدوُ كلّ الصـــــوادحِ |
تمرّغتِ الآمالُ في عفـْـر حاضري | وودّعَ بأسي عصرَ كلّ الفواتــــــحِ |
أطلَّ عليّ الصبحُ فوقَ شفاهــــــهِ | كلامٌ دفينٌ في طلـــول القرائــــــحِ |
يتيمٌ أنا بل أرمـــلٌ بعد كبـْـــــوتي | حُـشرْتُ بكيلٍ من أسى الأرضِ طافحِ |