الخميس ٢٥ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٥
بقلم صالح مهدي محمد

انتظار أعمق من الضوء

على رصيفٍ يلمع كجرحٍ قديم،
يجلس الوقتُ متعبًا على مقعدٍ خشبي،
يمدّ ساقيه في بركة الضوء
ويصغي لخطواتٍ لا تعود.
المصابيحُ تفكّك الليلَ حرفًا حرفًا،
تعلّمه كيف يكون دافئًا
رغم المطر،
وكيف يُتقن العزلة
دون أن ينطفئ.
الترام يمرّ،
صندوقُ ذاكرةٍ من حديد،
يحمل وجوهًا مستعجلة
وأحلامًا لم تجد محطةً بعد.
صوته احتكاكُ العمرِ بالعمر،
شرارةٌ ثم صمت.
الأشجارُ عروقُ السماء،
تساقطُ أوراقها
رسائلُ لم تُفتح،
كلُّ واحدةٍ تقول:
كنتُ هنا… ثم تلاشت.
المطر لا يسقط،
بل يصعد من الأرض،
كأنّ المدينة تبكي نفسها
في مرآة الشارع.
الألوان تذوب،
والليل يصبح سائلًا
يمكن عبوره دون قدمين.
في البعيد
شمسٌ متأخرة
تتظاهر بأنها قمر،
تراقب المشهد
ولا تتدخل،
تعرف أن بعض الانتظار
أعمق من الضوء.
وهكذا،
بين مقعدٍ وترام،
بين مصباحٍ ورجلٍ وحيد،
يتعلّم المساء
كيف يكتب قصيدته
على صفحة الماء.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى