لي الحزن ليلاً والصباح به قهر |
|
|
فكيفَ إذا ما جاءَني الظهرُ والعَصْرُ |
تُحيقُ بيَ الأفكارُ من كلِّ جانبٍ |
|
|
وتُرهقُني ، والمــرءُ يُرهقُه الفِكْرُ |
بَكَى شَجَـري لمّا لمستُ غُصُونَهُ |
|
|
وناحَ على كَفّي بأحزانِــهِ الطّيرُ |
وَكَتَّ النّدَى دمعاً على وَجْنَتي التي |
|
|
جَرَى فوقَها دمعي وقد بَلّها القَطْرُ |
فأيٌّ دموعي ؟ لستُ أدري كأنني |
|
|
ضريرٌ على عينيهِ قد اُسْدِلَ السِّتْرُ |
إذا ابتسمَ الزّهرُ المنمَّـقُ ساءَني |
|
|
كأنّ ابتسامَ الزّهْرِ من حالتي سُخْرُ |
وإن نَفَحَ العِطْرُ الذّكيُّ رذاذَهُ |
|
|
عليَّ أضاقَ الصّدرَ ما ينفحُ العِطْرُ |
أمُـرُّ على الوادي الذي قد ألِفتُـه |
|
|
فينكرُني ، يا بؤسَ ما يفعلُ النُّكْرُ |
هنا الصّخْرُ ناجاني وقد كنتُ يافعاً |
|
|
فما لي أراهُ صُمَّ عن كِلْمتي الصّخْرُ |
هنا العشبُ قد داعبتُهُ بأناملي |
|
|
فخِلْتُ كأنّي منهُ قد مَسّني سِحْرُ |
وكمْ من ترابٍ قد لمستُ خُدُودَه |
|
|
بلطفٍ وعطفٍ مثلما يُلمسُ التّبرُ |
وَجَمَّعْتُ من قاعِ المسيلِ حَصَىً |
|
|
وكم فَرِحْتُ به كالدّرِّ إذ يُجمعُ الدّرُّ |
وَرَفّتْ بأحنـاءِ الغديـرِ سنابلٌ |
|
|
تُراقِصُ مـوجَ الماءِ أثوابُها الخُضْرُ |
وغنّتْ على غُصْنِ الحنينِ بلابِلٌ |
|
|
لهـا عندَ أوتـارٍ أحِـنُّ لها وِتْرُ |
هنا ابترَدَتْ من كنتُ أهْوَى لقاءَها |
|
|
هجيراً ولمّا أنْ شكا هَجْرَها الهَجْرُ |
أتيتُ إلى ذاكَ الغديـرِ مسائِلاً |
|
|
ألا أينَ مَنْ قد غادَرَتْ وبها الغَدْرُ |
فلمّا بدا مَـوْجُ الغديرِ مُقَطِّب |
|
|
اً وجاوبنـي نفيـاً وأرهَقّني الأمرُ |
وناديتُ في الوادي ظِباءَ طفولتي |
|
|
فلم تُلْق لي بالاً وباعَدَهــا النّفْرُ |
رجعتُ إلى شبّابتي أجتلي بها |
|
|
هوىً كانَ لذعاً مثلَما يَلْذُع الجَمْرُ |
ورُبَّ عزيفٍ صارَ شَجْواً كأنّما |
|
|
شَجَاهُ شَجَىً ممن عَرَاهُ الجَوَى وَفْرُ |
بقلبيَ في هذي الرّبوعِ مشاعِرٌ |
|
|
تعودُ غِناءً كلما عادَني الذِّكْرُ |
وأجمـلُ الشِعْرٍ ما غَنّاهُ صاحبُهُ |
|
|
فعادَ بَدْءأً كما قد كانَـهُ الشِّعْرُ |
أظَــلُّ أغنّي لوعــةً فكأنما |
|
|
غنائي شِفـاءٌ مثلما قالتِ الخمرُ |
وما أسكرَتْني الخمرُ لكنْ لَذَاذةٌ |
|
|
بذِكْرِ التى أهْوَى يُخامرُني سُكْرُ |
سأبقَى بسُكْري طولَ عُمْري وإنّهُ |
|
|
سيبقَى رفيقاً لي وإنْ فنِىَ العُمْرُ |
لئنْ ضَمّني عَفْري بلَحْدي إلى التي |
|
|
حَيِيْتُ بها سُكْراً معي سَكِرَ العَفْرُ |
وَأحْيا رُفاتي في التّرابِ مُجَدَّداً |
|
|
وقمتُ أنادي فيهِ : لاكنتَ يا قَبْرُ |