| هاتي الْكؤوسَ لِنَشْرَبَ الأنْخابا |
وَتَذَكّري الأصْحابَ وَالأحْبابا |
| وَتَأمّلي بَيْتَ الْقَصيدِ فَرُبّما |
يأْتي الْحَبيبُ وَيَقْرَعُ الأبْوابا |
| وَارْوي الْفُؤادَ ـ إذا سَقَيْتِ ـ مَحَبَّةً |
لا تَمْلَئي كَأْسَ الْحَزينِ عِتابا |
| الْحُبُّ يُنْبِتُ في الفُؤادِ سَعادَةً |
وَالْبُغْضُ يَحْصِدُهُ أذىً وَخَرابا |
| وَالْغائِبُ الْمَعْذورُ يَحْمِلُ شَوْقَهُ |
وَالشَّوْكُ يَزْرَعُ في الدُّروبِ عَذابا |
| يا روحُ بِالضَّوْءِ امْلَئي الْأكوابا |
فَالْلَيْلُ طالَ وَجَدّدَ الأوْصابا |
| صُبّي الْحَنانَ عَلى الْكَمانِ وَرَتِّلي |
فَعَلى لِسانِكِ كُلُّ شدْوٍ طابا |
| رُشّي الرَّذاذَ على وُرودِ قَصائدي |
قَدْ يَمْتَطي عَبَقُ النَّشيدِ سَحابا |
| وَيَطيرُ فَوْقَ الْوَقْتِ يَقْطِفُ نَجْمَةً |
وَيُضيءُ مِنْ جَمْرِ الْقَصيدِ شِهابا |
| وَبِإبْرَةِ الأشْواقِ حاكَ حنينَهُ |
حَتّى يُطَرِّزَ لِلْوَفاءِ ثِيابا |
| ما أَجْمَلَ الْكَلِماتِ حينَ تَزُفُّها |
لَوْ شِئْتَ تَنْحَتُها لَكُنَّ صِعابا |
| ما أرْشَقَ الشِّعْرَ الْبَديعَ فَإنّهُ |
ضَوْءُ الصّباحِ يُدَغْدِغُ الأهْدابا |
| جُلُّ الْكلامِ قَليلُهُ وَدَليلُهُ |
سِحْرُ الْمعاني يَخْطَفُ الألْبابا |
| أمّا الْعَويلُ طَويلُهُ وذَليلُهُ |
كَذِبٌ على شَفَةِ الذِّئابِ تَغابى |
| نَحْلُ الأماني يَرْصُفُ الدُّنْيا شَذى |
لَحْنُ الأغاني قَدْ أتى مُنْسابا |
| قَدْ تُبْهِرُ الرّسّامَ حُمْرَةُ لَوْحَةٍ |
كَمْ تاهَ لُبٌّ والْفُؤادُ أصابا |
| حتى إذا ذَبَلَتْ بِعَينيْ دَمْعَةٌ |
سَتَظَلُّ روحُ الشِّعْرِ فِيَّ شَبابا |
| والشَّعْرُ فِضَّتُهُ تَزيدُ بهاءَهُ |
وَالشِّعْرُ مِنْ ذَهَبٍ يُصاغُ كِتابا |
| الصَّمْتُ سَيْفُ الشّكِّ فَلْيُكْسَرْ إذَنْ! |
إنّي أريدُ ـ إذا سَألْتُ ـ جَوابا |
| هَلْ يَحْمِلُ الْقَمَرُ الْوَديعُ أمانَةً |
مِمَّنْ نُحِبُّ وَلا يُطيقُ غِيابا؟ |
| كَمْ مَرّةً زارَ السُّؤالُ جَوابَهُ |
وَالصَّمْتُ صَدَّ صَداهُ .. ثُمَّ الْبابا! |
| كَمْ غَرّدَ الْعُصْفورُ نَحْوَ حَبيبِهِ |
والْغُصْنُ يَرْجُفُ تَحْتَهُ مُرْتابا! |
| وَبَعَثْتُ طَيْرَ الْقَلْبِ يُنْشِدُ حُبَّهُ |
فَأعادَهُ لي بومَةً وَغُرابا |
| أَيُقابَلُ الْغُرَباءُ مِثْلَ أحِبَّةٍ؟ |
وَالْعاشِقونَ تَفَرّقوا أغْرابا ! |
| أَيْنَ الْجَوابُ َيَضُمّني وَأضُمُّهُ ؟ |
حَتّى يَذوبَ كَما سُؤالي ذابا |
| الْحُبُّ عَذْبٌ وَالْلِقاءُ عُذوبَةٌ |
وَعَذابُهُ مُرٌّ إذا حَبيبُكِ غابا |
| يَتَعَثَّرُ الْحُكَماءُ في تَفْسيرِهِ |
فالْحُبُّ لَمْ يَجِدوا لَهُ أَسْبابا |
| قَدْ لامَني الْجُهَلاءُ: تِلْكَ أَميرَةٌ! |
قُلْتُ: الْهَوى لا يَعْرِفُ الألْقابا |
| لَوْ مَرَّةً نَظَرَ الضَّريرُ لِلَيْلِهِ |
ما كانَ نَجْماً في سَماءٍ عابا |
| وَلَرُبَّما نَظَرَ الْبَصيرُ لِلَيْلِهِ |
فَازْدادَ في عُمْقِ الْمَدى إعْجابا |
| يا مَنْ تُقَسِّمُ ثُمَّ تَضْرِبُ طامِعاً |
ما كانَ حُبُّ الْمُخْلِصينَ حِسابا |
| هذا الوِشاحُ أشدُّهُ وَأشُمُّهُ |
بِيَدَيَّ عِطْرُ الذّكْرَياتِ انْسابا |
| وَيَحِنُّ بَحْرٌ لِلِّقاءِ وَيَشْتهي |
نَهْراً يُعيدُ لِقَلْبِهِ الْغُيّابا |
| وَتَتوهُ في لُغَةِ الْعُيونِ قَصائِدٌ |
وَتَسيلُ في شَفَةِ الْحَبيبِ شَرابا |
| يا روحُ هُزِّيني أتِلْكَ حَقيقَةٌ |
أَمْ أنَّ ذاكَ النَّبْعَ كانَ سَرابا؟ |