| عذرا فقد نضُبت أحلام قافيتي |
وجفّ حبر من الإبداع يضفيها |
| ما عاد في نغم الإلهام لحن صدى |
يلملم الحرف وقتا كيف يذكيها |
| ما عاد في ورقي سطر يوادعني مذ |
ودّعت أشطري أحداقَ حاكيها |
| أنا على قلقي وخز يباغتني |
يجدوّل الحزن في قلب لماضيها |
| أنا يعوّقني ليل بذاكرتي |
مبعثرا داخلي ما كان يحييها |
| فجف نهر الهوى بالروح ذات مسا |
لا لم يعد هيكلي العظمي يحويها |
| وضاع بالذات خبز الهمس يحرقه |
خنق الشعور على بوح يمنّيها |
| هرّبت كل غصوني بعد أن ذبلت |
لا لم يعد لونها المخضر يبديها |
| فبددتني كما الأمواج يرهقها |
صخرُ الضفاف إذا أحنى نواصيها |
| كالظل يرصفني التيار في جهتي |
يا وجهي الصدفي المنحوت يغريها |
| قد صبّ بالأرق المفلوق يوجعه |
ثغر الشتاء ووشي في مآقيها |
| يستنطق اللؤلؤ المخبوء في فمها |
من أي وجد ترى قد كان يحكيها |
| مذ غادرت جوقة الإيحاء ومضتها |
تاهت بسكر يعبّ الجرح في فيها |
| وشاح بالعمر وقت كنت أحمله قلبا |
من الأنس أضحى مطفئا تيها |
| ما عاد معتلق التفكير يصنعني |
بين الرماد غبارا كان يغويها |
| تلك المنى غادرت أجراس مرفئها |
وخاطها وجع يضنى معانيها |
| أدركت أن الصدى المنساب طار |
به برد الشعور هجيرا في منافيها |
| أيقنت ما بيننا شوط يجففني |
على شواطي الرجا يخفي نواحيها |
| كالنهر في فمه نار تلوثه |
أكذوبة الليل لو أغفت بواديها |
| أنا على وطري كفر يغابشني |
وبالمرايا صراع ظلّ يشقيها |
| وبين جفني وبين الوخز جسر ضنىً |
يخفي مخيلتي لما وشى فيها |
| فحُكّم القفلُ والتابوت يُلصقني |
بآخر الركب إذ مرّت بساقيها |
| والحبر صوت دمي المخدوع من وجع |
غرّ المرايا فضجت في مراثيها |
| تجفّ في فمها الويلات أين بدت |
كسنبلات بنار الخوف نحصيها |
| وخلف حنجرتي لون تحجر في |
صوتي النحيف فأخفى ما يغنّيها |
| فليس ما بيننا إلا مماحكة |
من الكلام تدار في أمانيها |
| وبين قلبي وبين الوقت لحن شجا |
في لثغة أهملت حنّا مآسيها |
| فرّت على ألم النجوى ثقوبَ جوى |
فأرهقت غضبا فوضى مآقيها |
| وراح يتعبني نزفٌ على وتر |
غلّت يداه فصار النزف يؤذيها |
| عذرا فقد نفقت أسراب ملهمتي |
ومات لحن من الأجراس يبديها |
| واستيقظ الشبح المنسيُّ في خلدي |
شوطا يثير غباري كيف أنهيها |
| فهدّ من حلم الآمال أجملها |
وعاث يخرسني صوتا بناديها |
| أنا يوزعني بؤسي على جلدي |
وليس بين رغابي من يسليها |
| أنا تناوشني الأزرار أين غدت |
تبث أحجية الأثواب تكسيها |
| ووجه أحجيتي لون يغافلني |
على البريق الذي يصحو ليشقيها |
| خذني حمام الهوى سكرا لأمنية |
تأرجحت في ضفافي كيف أسقيها |
| وكان في نهم الربان سر صدى |
تحطمت رنة المجداف تبديها |
| وظل ينقشها التيار وهج سرى |
رغم الرياح سفينا كيف يبقيها |
| تكدست رحلة البحار في يدها |
وظل منتبه الأشواق يمحوها |
| وعدت مندهشا من ظل أخيلتي |
أنا السقيم أمن دائي أداويها |
| تمايل الشعر بعد الآه منتفضا |
هل كيف تمشي سفين عكس جاريها |
| ففك من وتدي المعقود حبل منى |
فرفّ مني شراع كان يعليها |
| تكسرت لغة المرساة وانفلتت |
أقصوصة الغيب كيف الغيب يغفيها |
| واليوم لا سفن تحكي ولا أمل |
على الضفاف فأي الحلم يرسيها |
| تحطم المرفأ المصنوع من ورقي |
وتاه في ضجة الأبعاد باقيها |