طائرُ الشِّعر!
| يا طائرَ الشِّعرِ، قُلْ لِيْ: كيفَ أَرْثِــــيْـــهِ؟ | هذا الذي طَــيْرُ شِـــــــــعْـــرِيْ مِنْ مَعانِيْهِ! |
| مُحَلِّقًا في سَمـاءِ الحـَرْفِ مُنْطَلِقًــــــــــــــــا | في مـا وَرَاءَ اندهاشاتـــــيْ وتَشْبِيْهِــــــــــــــيْ |
| أَرَى الكَلامَ كَلِيْلاً في مَـدَى شَفَــــــــــــــــتِيْ | مِنْ أَوَّلِ البَثِّ حتَّى شُــــــــقْرَةِ التِّـيْـــــــــــــــهِ |
| أُعِــيْـذُ فِيْــكَ بَـيَـــــــــانِـيْ مِــــنْ تَلَعْــثُــمـــــــِــهِ | وقَــدْ يَــهــــــلُّ بَـيـــــــانٌ فــي تَـــأبِّـــيـْــــــــــــهِ! |
| يا طائرَ الشِّعرِ، لِـــيْ بَيْـــــــــتٌ بِرَابِيَـــــــــــــــــةٍ | آلَـيْـــــــــتُ فَوْقَ رِيَــــــــــــــــاحِ الرُّوْحِ أَبْـنِيْــــــهِ |
| يُعِيْـــــدُ لِيْ نــــــــاهدَ النَّايــــــــاتِ في دَمِـــــــــهِ | تُعِــيْدُ بـيْ صَفْـوَةَ السَّاعـــــــــاتِ في فِـيْـهِ |
| بَيْـــتٌ هُــوَ العُمْـــــــــرُ والأَيَّـــــــــــــامُ بَـارِجَـــــــةٌ | تَرْسُـوْ وتُبْحِـــرُ يَطْــوِيْـهـــــــــا وتَطْــوِيْــــــــــــــهِ |
| سَـــافَرْتُ في رِئَـةِ الأحـلامِ يَلْبَسُــــــــــــــــنِيْ | وَجْـهٌ مِنَ المـَـــاءِ يُظْمِيْـنِـــــــــيْ وأَسْقِـيْــــــــهِ |
| يَحْكِيْ فَتَشْرَقُ بي الدُّنـيا وتَمْلَـؤُنِــــــــــــــيْ | نَشْوَى الرَّحِيْلِ إلى أَشْــــــــهَى "حَكَاوِيْهِ" |
| يَقُصُّ دَهْشَتَــــــــــــــــــــــهُ كالطِّفْـلِ يَجْذِبُهــــــــا | مِــنَ الأســاطــــــــــــيرِ أَفْــلاكـــــًـا فَـــتَــأْتِــــــيـْــــــهِ |
| في عَــــــيْــنِــهِ أَعْــيُـنُ الأقمـــــــــــــــــارِ ســامِــرَةٌ | لا تَرْتَــــــــوِيْ مِنْ لَمَــــــــى مـــــــا ظَلَّ يَرْوِيْـهِ |
| هُـوَ الحِكَـــايـَـــــةُ والــــــــرَّاوِيْ ومَسْـــرَحُـــــــــهُ | في المَــــــــهْـدِ طِــــــــفْلُ خَـــــــــيَالٍ إذْ يُرَبِّـيْـهِ |
| جِيْلٌ مِنَ الكَلِمَـــاتِ البِكْــــــــرِ مُشْعَـلَـــــــــةٌ | بمــــــــا يَــــــــلِـذُّ ومــــــــا يُغْــــــــوِيْ وما يُوْهِـيْ |
| صَحِبْــتُـهـا عُمُـــرًا بالعُـــــمْـــرِ يَتْـبَعُـهـــــــــــــا | في كُــــــلِّ مَــوْجٍ مِنَ الأَطْــوَادِ تَجْرِيْـــــــــهِ |
| يـا نــاعِـــــيَ الفِكْرِ والتَّــاريـخِ: "وا أَبَــتِــيْ" | مــــــــاذا تَرَكْـــــــــتَ على الدُّنيــــا لنَاعِـيْـــــهِ؟! |
| إنَّ الذي نَعَتِ الأَنْبَــــــــاءُ ليــــــــس أَبِـــــــــيْ | بـل أُمَّـــتِــــــــيْ أُمَّــــــــــةُ الآبـــــاءِ تَبْكِــــــــــيْــــــــــهِ |
| يَبْكِيْهِ مُصْحَفُــــــهُ والمَسْجِدُ الـــْ عَبَقَــتْ | فــــــــي مَشْــــــــرِقَـــيْـهِ ابْتِهَـــــــــالاتٌ لِـــبَارِيْـــــــهِ |
| يَبْكِيْهِ "مَعْشَمُ"(2) والعُشْبُ الذي رَشَفَتْ | مـــــاءَ السَّمَـــاءِ تَسَــــــــــــــــــابِــيْــحًـــا أَسَامِـــيْـهِ |
| يَبْكِيْهِ نَجْمُ الثَّرَى والأُفْقِ، كَمْ عَشِقَـــــــا | فِيْهِ السَّحَــــــابَ الذي بالحُبِّ يُجْرِيْــــهِ! |
| يَبْكِـــيْـــــهِ جُـــرْحٌ على الأَيَّــــــــــــامِ مُنْدَمِـلٌ | كَـــــفُّ "المُجَنِّـيْ"(3) بِكَـفِّ اللهِ تَشْفِيْـهِ! |
| يا طائرَ الشِّعْرِ، قُلْ لِيْ أينَ صَوْتُكَ في | هذا المَسَاءِ مَسَــاءِ الصَّمْتِ تَسْرِيْــــــــهِ؟ |
| ما الشِّعْــــــــرُ والمَـوْتُ إلاَّ بـَـــــارِقٌ لَمَعَتْ | مِــنْـــــــــهُ حَــيَـــــــــاةٌ بِمَـــــــــوْتٍ في تَرَاقِــيْـــــــــهِ |
| وأنتَ يا قَلْبُ تَمـْشِيْ فِيْهِمــا لَهُمـــــــــــــــــا | مَشْيَ الكَسِيْرِ إلى بَوَّابَـــــــــــــــةِ الـتِّـيْــــــــــــــــهِ |
| كَمْ مِنْ هِـلالٍ وقَدْ أَمَّلْتــَـــــــــــــــــهُ قَمَـــــــــــــرًا | حَــــــــــــــــطَّ الغُـــــــــرابُ على أُوْلَى قَوافِيْـهِ! |
| وكَمْ كَرِهْــتَ مِنَ الدُّنــــــــيـــا دَنــاءتَهــــــــــــــــــا | فَشاقَــــــــــــــــكَ النَّجْمُ تَـيَّـاهًـا على الـتِّــيْـهِ! |
| هِيَ الحيـاةُ؛ فـلا مُسْتَقْـبَـــــــــــــلٌ بِغَـــــــــــــــــدٍ | إلاَّ سَـيُـدْبِـــــــــــــــــرُ عَـــــــــنـّــا مِـنْ مـآتِــيْـــــــــــــــــهِ |
| والرُّوْحُ تَبْقَى وتَرْقَـى والبِلَـــــــى قَــــــــــــــــدَرٌ | فـــــلا تُـــبَــالِ بِجِــسْـمٍ لســـتَ تُـبْقِـيْــــــــــــــــــهِ |
| كُــلُّ الأُلَــى رَحَـلُــــــوا لم يَرْحَـلُــوا أبَـدًا | ما عــــــــــــــــاشَ بَرْقُهُمُ في الرُّوْحِ يُشْجِـيْهِ |
| مــــا الحُـــزْنُ أنَّــــتُــكَ الأُولَى ولاعِجُـهـــــــــا | الحُـــزْنُ مـــــــــــــــا آلَ كَـهْـفَ اللَّيْلِ تَـــأْوِيْــهِ |
| يُصْلِـــــيْ فُـــــــــؤادَكَ مـــــِنْ وارِيْ مَواجِعِـــــــهِ | مـا رَفَّ طَــيْــــــــــــــــفٌ بذِكْـــــــرَى في لَيالِـيْهِ |
| يا مَنْ رَحَـلْتَ، مَتَى اللُّقْيَــــــــــــا؟ وأينَ لنـا | حتَّى القِيامَــــــــــــــــةِ مِــنْ صَـبْرٍ فَـنَشْرِيْـــهِ؟! |
| إنِّيْ عَرَفْــتُ حَيـاتـــيْ فِيْكَ، مِنْكَ، فَهَـلْ | لِــــيْ في الحَياةِ انْتِماءٌ لَسْتَ لِيْ فِيْهِ؟! |
| مَنْ ذا يُصَـــــــــــدِّقُ أنْ قَدْ تَنْطَـــــــفِـيْ أَبَـدًا | شَمْسٌ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ في القَلْبِ تُحْيِيْهِ؟ |
| مَنْ ذا يُصَــــــــــــــــدِّقُ أنْ قَدْ يَرْتَمِيْ شُهُـبًا | تاريخُـنــــــا وكَـــأَنْ لا شَـــيْءَ نَـعــــــــــــنـِــيْـــهِ؟! |
| مَنْ ذا يُصَــــــــــــــــدِّقُ إِسْدالَ السِّتارِ كَذا | والعَــرْضُ مـــا زال يُغْـــــــــــــــرِيْـنـــا بِتالِـــيْـهِ؟! |
| مـا أَقْــرَبَ المـَوْتَ! لَــــوْ كُـــنَّـا نَـراهُ، لَـمــا | كُـــــــنَّا، ولكنَّ وَجْــــــــــــــــــهَ اللهِ يُنْـئِــــــــــــــــيْهِ! |
| ما يَمْلِكُ الشِّعْــــــــــــــــرُ أَنْ يُرْوِيْ غَياهِـبَنا | بِــالنُّــوْرِ لــولا لُــبـانــــــــــاتٌ بِــشـــــــــــــــــادِيْـــــــهِ |
| هَلْ يَمْلِكُ الشِّعْرُ تَرْتِــــــــــيْقَ الوُجُــوْدِ إذا | ما انـهـارَ فِـيْـنـا وأَعْـيَـتْـــنـا مَراقِيْــــــــــــــــــــهِ؟! |
| بَلْ يَمْلِكُ الشِّعْرُ، باسْمِ الشِّعْرِ، أَوْبَتَـنا | فـي الخالِدِيْــــــــــــــــــنَ ويُحْـيِــيْـنـا تَجَلِّـــيْــهِ! |
| الشِّـــــعْـــرُ شُرْفَـــتُــــــــــــــــــنا الزَّرْقــــاءُ تَعْزِفُــــــنا | حُــــــــــــــــوْرِيَّــــــةٌ شَـرِبَـــتْ أَشْهَــى أَغـــانِــيْــــــــهِ |
| فيُزْهِرُ الصَّخْـرُ فِــيْــنــا مِــنْ مَعـــــــــــــــادِنِـــــــهِ | ويَلْثَـــــــــــــــــغُ الطِّفْلُ فِيْـنا مِنْ دَوالِــيْـــــــــــــــــهِ |
| ونَسْــــتَــرِدُّ بِـــــــهِ وَجْـــــــــهَ الغِـــيـــــــــــــــــابِ إذا | مــــــا الشِّعـــــــــــرُ عــادَ فَقَدْ عُــدْنا بِوادِيْــــهِ |
| في البَدْءِ كانَ، وفي خَـتْمِ الخِتامِ، وفي | شُــرْيــــــــــانِ مـا يَنْــــــتَــقِـيْ مِـــنَّــا فيُــبْــقِــيْـــهِ |
| الشِّعرُ نحنُ، بِما نَعْنِيْ، وما رَسَـمَـــــــــتْ | فِــيْـنا الحَضـــــــــــــــــارَةُ، يـَبـْنِــيْــنا فَنَبْـنِــــــــــــــيْهِ |
| وسَــــــــــــــــيِّـدُ الأُمَمِ الشِّعـــــــرُ الصَّبَاحُ، إذا | ما مـــــاتَ، ماتَتْ وماتَتْ شَمْسُها فِيْـهِ! |
| ما الشِّعــــــــــــــــرُ غَيْرُ أَبِـيْ، أَبْكِيْـهِ مُنْطَفِـئـًا | في سَــيْــفِ قاتِلِــهِ، والضَّــادُ تَبْكِــــــيْـــهِ؟! |
| ورُبَّمــــــــــا كَشَـــــــفَ المَعْنَـــــــى غُلالَــةَ مـــــــا | في البُعْدِ مِنْ مَأْتَـمٍ للشِّعـــــــرِ نُخْــفِـيْـــــــــهِ |
| الشِّعــــــــــــــــرُ، يا أَبَتِ، ما عادَ خَيْمَتَنـــــــــــا | ولا البُـــــــــــــــرَاقَ الذي لِلْغَيْـــــــــــــبِ نَرْمِـيْـهِ |
| بِيْ نَوْءُ ما حَمَلَتْ في الحَيِّ مُرْضِعَـــــــــةٌ | ما أَنْجَبَتْ في الوَرَى طِفْلاً نُرَجِّيْــــــــــــــهِ! |
| عَمْــياءُ مُوْمِسَــــــــــــــــةٌ باعَتْ أَسَاوِرَهــــــــــــــــا | والسُّــــــــــــــــوْقُ لُعْبَتُها لا شَيْءَ تُغْلِيْــــــــــــهِ |
| وَقَفْتُ في ثَدْيِــــــــــــــــها العاتِيْ بِمَوْجَتِـــــــــهِ | أَسْتَقْرِئُ الفَجْــــــــــــــرَ مِنْ أَغْوَى دَياجِيْهِ |
| قالتْ: «فَتايَ هُنا؟».. وافْتَرَّ عارِضُهـا | واجتــــــــــــاشَ بِيْ صَدْرُها واهتاجَ ساجِيْهِ |
| جِنِّيَّـــــــةٌ ثَمِلَـــــتْ لا شَــــــــــــدْوَ في دَمِهــــــا | والشِّعـــــــرُ مِنْ فَمِها يَدْنُوْ فَتُقْصِيْــــــــــــــــهِ |
| كأنَّ في يَدِهــــــــــــا جَيْــــــــــــــــشًا برايَتِــــــــــــــــهِ | حَبِيُّــــــــــــــــهُ في المَدَى كاللَّيْلِ يُطْفِـــــــــــــيْهِ |
| سَهِرْتُ أَرْقُبُ إذْ تَصْحُــــــــــوْ بغَيْمَتِــــــــــــــــهِ | رِيْــــــــــــــــمٌ غَفَتْ وحَمَــــــــــــــــامٌ في مَحانِــيْهِ |
| رَمَــــــــــــــــى الجَزِيْرَةَ حَتَّى لم يَدَعْ شَرَفًـــــا، | رِيْحًــــــــــــــــا ورَعْدًا وبَرْقًــــــــــــــــا حاقِدَ الفِيْهِ |
| حَتَّى إِذا لَم يَدَعْ لِيْ وَبْلُـــــــــــــــهُ أَمَــــــــــــــــلاً | في مُسْتَكَــــــــــــــــنٍّ وراحَ اللَّيْلُ يَمْرِيْـــــــــــــــهِ |
| واسْتَبْشَرَتْ بِهِ في الصَّحْرَاءِ أَكْبُدُهـــــــــا | والبَدْرُ في البِيْــــــــــــــــدِ والأَعْرَابُ تَشْوِيْـهِ |
| أَسْرَى نَجِيْعًا عَلَيْنَا حافِشًـــــا ضَرِمًــــــــــــــــا | ما كَــــــــــــــــفَّ حَتَّى تَغَشَّى الأرضَ والِيْـــهِ |
| مِنْهُ تَخَثَّرَ فِيْ خُــــــــــضْرِ العُــــــــــــــــرُوْقِ دَمٌ | وأَمْحَلَــــــــــــــــت أَعْيُنٌ نُجْـــلٌ تُناجِيْــــــــــــهِ! |
| فلا سَقَى اللهُ وَسْــــــــــــــــمًا ولْيُـــــــــــــهُ لَعِبَتْ | في مَنْكِبِ الوَقْـــــــــــتِ بالقَتْلَى غَوَادِيْهِ! |
| يا أُمَّةَ الشِّعْرِ، ثُوْرِيْ نَخْلةً خُصِيَــــــــــــــتْ | للشِّعــــــــــــــــرِ فِيْكِ بِتَغْرِيْـــــــــبٍ كتَأْلِيْــــــــــــــــهِ |
| قالُوا: «الحَداثةُ»، إذْ قاءَتْ حَناجِرُهُمْ | مِلْءَ الصَّحائفِ مِنْ يافُــــــوْخِ مَعْتُــــــــــــــوْهِ |
| والغايَــــــــــــةُ.. الغايَةُ القُصْوَى حِصارُ فَمٍ | مِــــــــــنْ أنْ يُغَــــــــــــــــنِّيْ غَدًا ما قَدْ يُعَنِّيْـــــهِ |
| كَيْ يَبْكَمَ الشَّعْبُ، يَمْشِيْ القَهْقَرَى قُدُمًا! | ما جَــــــــــــــــدَّ فِيْهِ سِــــــــوَى ما الرَّبُّ يَبْغِيْهِ |
| للرَّبِّ أَرْبابُــــــــــــــهُ، حُمْــــــــــــــــرًا جَـــــــــلاوِزَةً، | مِنْهــــــــــــــــا الطَّرِيْــــــفُ ومِنْها تالِدُ الشُّوْهِ! |
| كَيْ يَبْصُمَ المُمْتَطَى فِيْنَــــا بِجَبْهَتِــــــــــــــــهِ | كَيْ يَرْتَعَ الذِّئْــــــــــــــــبُ والرَّاعِيْ يُغَنِّيْـــــهِ! |
| الشِّعــــــــــــــــرُ كارِثَــــــــــــــــةٌ كَوْنِيَّـــــــــــةٌ رُصِدَتْ | مِنْ أَلْــــــــــــــــفِ كَــــــــــــــــوْنٍ بِتَدْجِيْنٍ وتَتْفِـيْهِ |
| يِغْتالُــــــــــــهُ لُقَطــــــــــــــــاءُ الأَوْصِيَــــــــــــــــاءِ لَقَدْ | خاضُـــوا دِمـــــــــــــاهُ مِنَ الشَّحَّاذِ «لِلْبِيْهِ» |
| في خطَّةٍ رُسِمَتْ عِبْرِيَّــــــــــــــــةً عَبَـــــــــــــــرَتْ | رَمْــــــــــــــــلَ المَوَامِيْ إليــــهِ في مَوَامِيْــــــــــــــــهِ |
| كَيْ يَسْحَلُوا شَهْقَـــــــــــــةَ التَّعْبِيْرِ في دَمِهِ | لَــــــــــــــــمّا اسْتَحــــــــــــــــالَ عَلَيْهِمْ ما يُوارِيْــهِ |
| لَــــــــــــــــمَّا غَــــــــــــــــزَوْهُ وجاسُوا في مَناكِبِـــــهِ | واسْتَمْــــــــــــــــرَؤُوا رَقْـــــــــــدَةَ الإبْداعِ تُخْزِيْهِ |
| عاثَتْ بِقَلْعَتِهِ العُظْمَـــــــــــــــى ثَعالِبُهُــــــــــــــــمْ | مِــــــــــــــــنْ كُلِّ أَلْخَـنَ أو لَخْنَاءَ تَفْرِيْــــــــــــــــهِ |
| حَاكُوا بَسُوْسِيَّةً جَسَّــــــــــــــاسُ ناقَتُهــــــــــــــــا | في كُلِّ عاصِمَــــــــــــــــةٍ شُــــــــــــــــبَّتْ تُطَفِّيْــــهِ |
| هَدُّوا مَعاقِلَـــــــــهُ الشَّــــــــــــــــمَّاءَ وانْتَثَــــــــــرُوا | تَزْقُـــــوا دَواجِنُهُمْ طَــــــــــــــــوْرًا وتَعْوِيْــــــــــــــــهِ |
| هاجُوا بِأَنَّ نِثَـــــــارًا بَرْقَشُـــــــــــــوْهُ غَــــــــــــــــدَا | شِعْرًا أَمِــــــــــــــــيْرًا؛ فلا فُضَّتْ مَثانِيْــــــــــــهِ! |
| فاسْتَنْشَقُوا نَقْعَهُ واسْتَنْــــثَرُوا وَحَــــــــــــــــلاً | لم يُبْدِعُــــــــــــــــوا قَــــــــطُّ مِنْ بَيْتٍ فَنَرْوِيْهِ |
| وكَيْفَ يَبْنِي الذي قَدْ بَاضَ في فَمِـــــــــــهِ | بُوْمُ الخَرابِ؟ ألا ثُلَّــــــــــــتْ مَبانِيْــــــــــــــــهِ! |
| يا أُمَّةَ الشِّعْرِ، عُوْدِيْ حُرَّةً خَرَجَـــــــــــــــتْ | مِنْ جِلْدِها إذْ طَغَـــــــــتْ فِيْهِ أَفاعِــــــــــــــــيْهِ |
| الشِّعْرُ خارِطَةُ الإنسانِ لَوْ صَدَقَـــــــــــــــتْ | أَهْمَى على كَتِفِ الجَــــــــــــــــوْزاءِ صافِـــــيْهِ |
| ها نحنُ سِرْنا الثَّمانِيْنَ العِجـــــــــــافَ فلا | كالغَرْبِ صِرْنا ولا كالعُــــــرْبِ نَبْنِــــــــــــــــيْهِ |
| مُسْتَوْرِدِيْنَ وُجُوْهًا غَـــــــــــــيْرَ أَوْجُهِــــــــــــــــنا | مُسْتَنْزِلِـــــــــــيْنَ سَــــــــــــــــمَاءً لا تُواتِيْــــــــــــــــهِ! |
| تُدَخِّنُ النَّوَوِيَّ المُنْتَـــــــــــــضَى، وبِأعـْــــــــــــــــ | ــــــــــــــــقابِ السَّجــــــــــــــــائِرِ تَرْمِيْنا وتَرْمِيْهِ! |
| وفَجْـــــــــــأَةً.. رَقْمُ جَوَّالٍ أَضَاءَ: «أَبِيْ»؟ | وَكِــــــــــــــــدْتُ أَطْلُبَ قَلْبًا كانَ لِيْ فِيْـــــــهِ! |
| واسْتَيْقَظَ الشِّعْرُ والذِّكْرَى بِقافِيَتــــــــــــــــِيْ | وَرُحْتُ أَسْأَلُ عَنْ حالِــــــــــيْ وَأَلْحِيْــــــــــــــــهِ |
| يا قَلْبُ، وَيْحَكَ! هَلْ حَقًّا يُجاوِبُنِــــــــــيْ | صَوْتٌ كَبَيْتٍ سَرَى للغَيْبِ سارِيْــــــــــــــهِ؟ |
| الرَّقْمُ نَبْضُكَ ما زالَ الخَفُـــــوْقَ بِنــــــــــــــــا | يَبْلَى الجَدِيْــــــــــــــــدانِ، نَمْحُوْنَا ونُمْلِيْـــــهِ |
| فأنتَ أنتَ أنـــــــــا والــــــــــــــــرُّوْحُ وافِيَــــــــــــــــةٌ | ولْيَغْــــــــــــــــدِرِ التُّرْبُ مَنْ بِالتِّبْرِ يَفْدِيْــــــهِ! |
| يا طائِرَ الشِّعْرِ، وافِ الخُلْدَ:قَصْرَ أَبِيْ | واقْرأْ سَــــــــــــــــلامًا قُلُوْبُ النَّاسِ تُقْرِيْــــــــهِ |
| وقُلْ لَهُ: (أَحْمَدَ العَلْيــاءِ)، يا رَجُــــــــــــــــلاً | عــــــــــــــــاشَ الأَبِيَّ جَــــــــــــــوادًا في تَأَبِّيْـــــــــهِ |
| طِبْ حَيْثُ أنتَ، لَقَدْ نِلْتَ الذي غَرَسَتْ | كَفَّــــاكَ مِنْ فَرَحٍ، طِبْ في مَغَانِيْـــــــــــــهِ! |
(1) مَعْشَم: اسم بيتنا في جبال فَيْفاء. ولعلّ أصل الاسم: الأَعْشَم. ولكلِّ منزلٍ هناك اسمٌ خاصٌّ، متوارَثٌ قديمٌ، قد لا يُعرف معناه.
(2) كان يُلقَّب أحيانًا بـ«المُجَنِّـيْ»، لاشتغاله مُقَدِّرَ شِجاج، تابع للمحكمة.

مشاركة منتدى
٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٤, ١٤:٥٣, بقلم عبدالله الحميدي
السلام عليكم ورحمة الله
رائع وجميل هذا الشعر!
أخوك
كتابة وشعرا
عبدالله الحميدي
مع التحية والتقدير