الجمعة ٢١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٥
بقلم صالح مهدي محمد

بين ما كان... وما لم يكن

كلُّ خطوةٍ
ظلٌّ يتردّدُ في العدم.

أمشي،
لكنّ الطريقَ
هو الذي يختارُ قدمي.

الريحُ تسألني:
كم احتمالًا تركتَ خلفك؟
كم وجهًا لم تلتفتْ إليه الروحُ؟

في داخلي
مدنٌ لم تُبنَ،
أبوابٌ لم تُطرَق،
وأطفالٌ ينتظرون حياةً لم تقع.

الإنسانُ —
خطأٌ جميلٌ بين فعلٍ وندم،
يستيقظُ على نفسه
كما لو أنّه يحلمُ بآخرٍ يسكنه.

الزمنُ؟
سُلَّمٌ يصعدُ إلى اللاشيء،
وأنا — درجةٌ نُسيت.

كم حياةً تركتُها
تنامُ في جملةٍ لم أقلها؟
كم أناً —
ضاعت في المسافة بين "سأفعل" و"فات الأوان"؟

كلُّ قرارٍ
هو جنازةُ احتمالٍ آخر.

أمدُّ يدي نحو الماضي،
فأجدها تعودُ محمّلةً برمادِ نفسي.

هل كنتُ أنا؟
أم أحدَ الذين لم أصبحْهم؟

الوجوهُ التي عبرتني،
تسكنُ الآن في عينيّ كأطيافٍ مؤجلة،
تومئُ لي من وراء الزجاج،
وتسأل:
لماذا اخترتَ هذا الطريق دون ذاك؟

لا جواب،
الجوابُ يسيرُ في الجهة الأخرى.

في كلِّ لحظةٍ
تتساقطُ منّي حياةٌ صغيرة،
كحرفٍ انكسر في الهواء
ولم يصل إلى قصيدته.

ربّما نحنُ
كلماتٌ تائهةٌ تبحثُ عن الجملةِ التي رفضتْنا.

في الليل،
حين تفتحُ الصمتَ ببطء،
تسمعُ خطواتِ احتمالك الآخر
يمرُّ قربك،
ولا يراك.

أمسحُ المرآةَ،
فتتغيّرُ الملامحُ قبل أن يجفَّ البخار.
كلُّ وجهٍ أراهُ
هو نسخةٌ من مَن لم أكن.

الزمنُ لا يمضي —
هو فقط يبدّلُ الأسماء.

أحملُ في رأسي أصواتًا لم تنطق،
نصوصًا لم تكتمل،
ودموعًا تتدرّبُ على الحنين.

كأنّ الحياةَ دفترُ مسودّاتٍ كبير،
والنهارُ ممحاةٌ بطيئة.

أجلسُ قرب نفسي،
أسألها:
هل انتهينا؟
فتبتسمُ وتقول:
لم نبدأ بعد.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى