السبت ١٩ نيسان (أبريل) ٢٠٢٥
بقلم زكية خيرهم

من نفاية إلى كنز

من نفاية إلى كنز: أطروحة مغربية تعيد للفوسفوجيبس اعتباره وتفتح أفقًا علميًا جديدًا

من نفاية إلى نعمة: باحثة مغربية تفتح كنز الفوسفوجيبس في صمت المختبر

في زمن تتسابق فيه الأمم للسيطرة على الموارد النادرة، سطعت نجمة شابة من مراكش في سماء البحث العلمي المغربي. فاطمة أسفار، الباحثة الطموحة، لم ترَ في الفوسفوجيبس ــ ذاك البقايا الصناعية المتراكمة في أطراف المدن ــ مجرد نفاية مهملة، بل فرصة علمية فريدة قد تغيّر قواعد اللعبة. أطروحتها للدكتوراه، المنجزة بكلية العلوم السملالية التابعة لجامعة القاضي عياض، تحت إشراف الأستاذة القديرة لطيفة بيلالي والأستاذ الخبير مهدي ناديفيين، جاءت بعنوان قد يبدو تقنيًا لأول وهلة:

"Optimization of Rare Earth Leaching from Moroccan Phosphogypsum Using Experimental Designs"
لكن خلف هذا العنوان الجاف يكمن حلم مغربي كبير: استخراج عناصر نادرة تدخل في صناعة كل شيء من الهواتف الذكية إلى الأقمار الصناعية، من تربة وطنية طالما رُكنت في زاوية "المهملات". بأسلوب علمي رصين، وسنوات من العمل في مختبر الكيمياء البيئية، استطاعت فاطمة أن تبرهن أن المغرب لا يملك فقط الفوسفاط، بل يخفي في نفاياته ثروات تكنولوجية حقيقية. أطروحتها لم تكتفِ بإثبات الفرضيات، بل طرحت طرقًا عملية وصديقة للبيئة لاستخلاص هذه العناصر النادرة، مما قد يفتح بابًا واسعًا نحو اقتصاد دائري أكثر استقلالًا. وما يضفي على هذا العمل العلمي لمسةً إنسانية هو كونه من توقيع امرأة مغربية شابة، في مختبر مغربي، برؤية وطنية تسعى إلى التحرر من الهيمنة الصينية في سوق المعادن النادرة. إنها ليست مجرد دراسة، بل نداء حالم إلى كل باحث/ة في الجنوب: "من أرضنا نصنع مستقبلنا".

في الصورة المرفقة، تبتسم فاطمة إلى جانب مشرفيها في لحظة من لحظات الانتصار العلمي. ابتسامة ليست فقط تتويجًا لمجهود أكاديمي، بل تذكير لنا جميعًا أن في هذا البلد، هناك عقول تحفر في صخر المعرفة، لتصنع من النفايات ذهبًا... ومن الصمت إبداعًا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى