

مصطفى صلاح محمد شاعر مصري مُفْلِق
سئلتُ مرة عن شعراء القصيدة العربية العمودية المصريين الآن، فقلت: فلان وفلان وفلان، وسكتُّ، ويا ليتني عرفتُ فلم أسكت جهلًا بمقام مصطفى صلاح محمد الذي لم يأتني إلا اليوم ديوانه "العابر"، الذي يستحق اسم الديوان، فلا يسمى "كتاب شعر" -وهو ما يسميه الناس خطأً هذه الأيام "ديوان شعر"- فهو قصيدةٌ وستون ومئتان وثلاثة آلاف، في أربعة عشر ألف بيت، واثنتين وخمسين وثمانمئة صفحةٍ عظيمةِ الامتلاءِ نحيلةِ الخطِّ، أراد فيه نفسه بالحديث النبوي الشريف "كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ"، ولعله لو لم يتقصَّد الكلمة الواحدة لسماه "الغريب العابر"، غَرَابَةً وغُرْبَةً وعُبُورًا وعَبْرَةً! قرأت من أوله قصيدته "حسبي"؛ فرأيتها أفضل ما أصوره لكم تعبيرا عنه. ولكنني لم أملك عينيَّ أن تَفَلَّتَتا إلى قصيدته "حفل" التي بعدها؛ فرأيتها أفضل ما أصوره لكم تعبيرا عنه. ولكنني لم أملك عينيَّ أن تَفَلَّتَتا إلى قصيدته "سلام الآن" التي بعدها؛ فرأيتها أفضل ما أصوره لكم تعبيرا عنه... وهكذا هكذا إلى "أنا نشوان" قصيدته الحادية والستين والمئتين والثلاثة آلاف، الأخيرة!
وازدان هذا الديوان بمقدمة طويلة في علم الشعر، جرت مجرى السيرة، جَرَّبْتُ أن أكتفي بقراءة أولها فحملتني إلى آخرا انتفاعا واستمتاعا. لقد أردت بهذه الكلمة الموجزة أن أحيي الشاعر الذي أكرمني من غير أن يعرفني بنسخة من ديوانه حَمَلَها إليَّ عنه صديقُه الشاعر البارع -والبارعون أٌمَّةٌ واحدة- الدكتور محمد المعصراني -ولعله الذي ذَكَرَني له- ليستودعها على شاطئ الخليج أحدَ أصحاب دور النشر المصريين، وأوصاه أن يعجل إليَّ بها، وما زال منذ حَوْلٍ كريتٍ (عام كامل)، يَعْجَل مثلما عَجِلَ صاحب المثل العربي القديم "تَعِسَتِ الْعَجَلَةُ"! لقد مكث الدكتور محمد المعصراني يطمئن كل حين على وصولها إلي، حتى إذا ما يئس وهو هناك من صاحبه الذي هنا، ووجد الأستاذ معتز صقر عنده في معرض الكتاب الدولي، حَمَّلَه إليَّ نسختَه هو، ولم يأبه -وحُقَّ لَهُ- لتهويني الأمر عليه، جَهْلًا جَهِلْتُهُ بحقيقة الحرص الذي حرصه؛ فقد اطلعت من ديوان هذا الغريب العابر، على شيء لا مثيل له في زماننا هذا، ثُمَّ لا مثيل له، ثُمَّتَ لا مثيل له؛ واسمحوا لي أن أكفر بهذا التكرار البليغ عن ذلك السكوت العَييّ، وراجعوا كلمتي في إحصاء شعراء القصيدة العمودية المصريين مرة أخرى، واجعلوا مصطفى صلاح محمد الغريب "العابر"، في ذروتهم، فإذا أنكر عليكم ذلك أحد، فأنكروا عليه إنكاره، وحاكموه إلى ما اقترفناه جميعا في حق هذا الشاعر المُفْلِق!
—
أ.د.محمد جمال صقر
PROF. MOHAMMAD GAMAL SAQR
كلية دار العلوم، جامعة القاهرة
FACULTY OF DAR EL-ULWM
CAIRO UNIVERSITY
www.mogasaqr.com
mogasaqr@gmail.com
mogasaqr.eg@gmail.com
mogasaqr@yahoo.com
saqr369@hotmail.com
00201092373373
0020223625210