خوفاً من اللهِ لا خوفاً على أحَدِ |
فرّقـْتُ شَمْلَ أَحِبّائي أنا بيدي |
أمشي على الماءِ لا موسى يُرافِقـُني |
ولا عصاهُ ولا مِنْ ساحِرٍ سَنَدي |
أمُرّ ُ بالقيعِ والبُلـْدانِ قاطِبَة ً |
ولم أجِدْ مثلَ حالي بالغَ النَكَدِ |
حتى الصحارى أعارَتْني أَزِمَّـتَها |
فصِرْتُ أمشي معَ الثـُـعْبانِ والأسَدِ |
مُعَذّبٌ في حياتي وهْيَ مُقـْمِرَة ٌ |
فكيْفَ بي بينَ ما يَغـْلي ومُنـْجَمِدِ |
يطفو على ماءِ روحي من قوارِبِهِمْ |
حَشْـدٌ كبيرٌ وروحي دونَما رَصَدِ |
ورَدْتُ دِجْلَة َ أسْتَقْصِي منابِعَها |
أرْخَتْ حِبالاً وصاحتْ إنّهُ ولَدِي |
لكنَني رُغْمَ هذا الزّيْفِ لي أُفُقٌ |
مثلُ السّماءِ التي قامَتْ بلا عَمَدِ |
هل تعلمينَ لماذا لم أكُنْ مَلِكاً؟ |
لأنني قبلَ يومي قد ملَكْتُ غَدي |
كُلّي حزينٌ على بعضي أُبادِلُهُم |
حُزني الشّديدَ وروحي فاقِدٌ جسَدي |
لمَنْ أضُمّـُكَ يا حالاً حَلـُمْتُ بهِ؟ |
وصرتُ غيْرَكَ للأيّامِ لمْ أَجِدِ |
ولّتْ نجومي وغابتْ من مواقِعِها |
وغِيِضَ ماءٌ، وجَفـّتْ أرْضُ مُقـْتَصِدِ |
أنتَ الذي كنتَ لا تأوي إلى بلدٍ |
فهلْ تظَلّ ُ بلا مأوى ولا بلدِ؟ |
لم تنْتَصِرْ بخميسٍ يومَ معركةٍ [1] |
فهل سَتـُجْديكَ نفعاً ليلة ُ الأَحَدِ |
إذ يأفَلُ البَدْرُ فيها فَهْيَ واجِمَة ٌ |
يا ليلة ً هَدّ فيها بُعْدُها كَبِدِي |
لم أسْتَطِعْ فِعْلَ شئ ٍ كي نَظَلّ َ معاً |
والأمْرُ رهْنُ إشاراتي وتحتَ يَدي |
لكنّنا قد تعاهَدْنا غداً أبَداً |
بأنْ يظلّ َ هوانا للغَدِ الأبَدِ |
سالتْ ليوْمِ غَدٍ عَيْنٌ فما وقَفَتْ |
إلاّ وفيها سرابيلٌ من الرّمَدِ |
حتى الضلوعُ لها مِنْ بُعْدِها أوَدٌ |
فلا تلـُمْ أضلـُعي الحَيْرى على الأوَدِ |
كأنما هي إنْ غابتْ غداً ومَضَتْ |
إلى النّهايةِ لم ترْجِعْ ولم تَعُدِ |
أسْرِفْ إذنْ بدَمٍ تصفو مشارِبُهُ |
على عيونٍ متى أسْرَفْتَ تقتَـصِدِ |
وعوّدْ النّفْسَ أنْ تَبْقى كما بقيَتْ |
وجُدْ عليها بذِكْرٍ دائمٍ تـَجُـدِ |
أقولُ يا ليلُ إقْبَلْ مِنْ فمِي رَجُلاً |
وخُذْ جديداً إلى أعوامِكَ الجُدُدِ |
تبَدّدَ الضوءُ والأوراقُ قدْ نُشِرَتْ |
وصارَ مَرْمايَ مفتوحاً لِمُنْفـَرِدِ |
لكَ الرّموزُ فلا تعْبُرْ معابِرَها |
أيا وحيدٌ بلا هادٍ ولا رَشَدِ |
عَفَتْ بأرْضِكَ أطلالٌ ومَمْلَكَة ٌ |
فقُمْ لِتأخُذَ ظَبْياً مِنْ فمِ الأسَدِ |
غَنّتْ لِحُسْنِ ثناياها ضرائِرُها |
وللضرائِرِ منها نظرَة ُ الكَمَدِ |
يمضي الربيعُ ويأتي الصيفُ سَطْوَتَهُ |
وللشِّتاءِ صُروفٌ وهْيَ كالبَرَدِ |
ما غيّرَتْها طقوسٌ أينما نَبَتَتْ |
فالزّهْرُ يَعْبَقُ والغُصْنُ الوريقُ ندي |
إنّي أُراجِعُ عِشْقاً في بيادِرِهِمْ |
عِشْقَ العصافيرِ قَمْحاً ساعةَ الحَرَدِ |
إذا الشّواخِصُ لاحتْ لي ألوحُ لها |
وإنْ تَلـُحْ لِصُقورِ الصّيْدِ تبْتَعِدِ |
ما كنتُ أجْهَلُ مِشْواري مُغامَرة ً |
إني أُغامِرُ في الأيّامِ عنْ عَمَدِ |
ما أعْظَمَ الحُبَّ يَغْشى كلَّ غاشِيَةٍ |
وللمَحَبّةِ تبقى صفحَة ُ العَدَدِ |
قد يصنَعُ الحُبّ ُ أحْياناً فتىً أسَداً |
ويصْنَعُ الحُبّ ُ إنْساناً مِنَ الأسَدِ |