صدى الزرقة
ليس البحر أزرق بشكل حقيقي ، ولست مالحة كما ينبغي، لذا ربما لم يكن الوقت كافيا لندمغ ألسنتنا بالبيان البيْن ، وأوجهنا بالحنين الجميل ، كنا نمضي متعبين ، مقتفيين أثر ضحكة خرساء ، عرفت كيف تنفذ للب تماما .. لذا أيضا ربما لاتوجد فسحة خضراء كيما نسوى الوجع المعجز في لذته الغائبة ، ولا وقت لنعجن البله المشغول بعناية على شباك الغيب ..
النوارس تقف على مسافة ضحكة ذابلة من البحر
وأنا أقف على بعد جرح من الآن
الريح ريحان
البحر يحضر أرواح النوارس ليصنع من ريشها قوس قزح جديد
والعاشق يخزن صدى صوت البحر في صدفة ميتة ، ليقدمها هدية لحبيبته في (عيد الحب)
السلافات المتناثرة من شعر الليل تكبل الصرخات الآثمة كي لاتفضح عجزها
الموتى يشهرون ضحكاتهم اللزجة حتى الغثيان في وجه الصبح
الأصنام تتوالد
والحجارة تتشكل وفق معطيات الحضور
(السَمْرة) اليابسة على مدخل الذاكرة ، تهزأ من كل هذه المساحات الآهلة بالاخضرار والزرقة ، تصرخ أففففففففففف حاصرتهم اللغة التي تبخرت من أصابع الموج في آخر مد .. كانت تقيم علاقة جسدية مع البحر ، وهي تتحدى جنونها الملطخ بالدمع ،وترسل نظرتها في الأفق بلا وجه .
لندعي الغياب إذن
لنكور الغربة على حافة أمنية معتقة الحنين
فليس من عين تبصر الرمد المنضود
وليس من قلوب تصلح أن تكون مشاجبا للوله
وليس من أقنعة تناسب لحظات الحزن الجليل
ربما بخطوة طائشة يمكنني أن أفصل روافد غربتي على مضايق الوهم ، وأحفر في أجنحتي مساحة للفقد ، وربما سأعتذر لليم على رفضي لأبوته الجبارة ، فلليتم رائحة لزجة تروقني حين تعتريني رغبات الحنين ، وكما أن البحر ليس أزرقا تماما فأنا لست مالحة بما يكفي ..
على مدخل الحكايات أقف
شحيحة كيباس الخليقة
دافئة كخطيئة لم تبرد أناملها من فيض اللهفة
الكائنات تعبرني بوجوم محموم
أنا الكلفة بألفة مقيتة
في المشهد الأخير للحكاية، كان ثمة رجلا أخضرا عطرني، ببقايا الريحان في أطرافه حين صافحني ببطء مقصود ، لكنه كان رطبا بما يكفي لنمو حقل معطر برائحة الخيانة حول روحه ، تبسمتُ للمرأة العطشى داخلي : "هذا رجل أخضر وأنت امرأة زرقاء ،، والرجل العذب لن يستسيغ امرأة مالحة جدااا كأنت "
أجلس على حافة الصخب كي أكتب أو أنتحب
أو كي لا أخلو إلىّ
أو كي لاتنطلق الكائنات المتناومة داخلي
وتبدأ بالركض في أعصابي
صارخة بالبرد والحزن
ثمة كائنات مقيتة تحيا داخلي تتفنن بالعزف على الشرايين بأظافرها النحاسية ، تتكلم..تهذر..تضحك بهستيرية ..تنتحب ،تمارس شغبها ( تخرج لسانها) .. تحرك الأشياء بفوضى كي تغير انتباهي عما يحدث .. تأخذني في غياب دافئ حميم إلى متاهات قصية ، ومفازات جارحة ، تحضر أرواح الموتى ، تتحدث عن: (العدل المحلق في سماوات الرب فقط ، عن الجوع والعري والمرض ، عن الكائنات الناقصة ،عن الأقنعة ) ، تبدأ في العويل، وتأمرني أشاركها فأمتثل لها بلا إرادة.
أيتها الأشياء التي تكفلت بوجعيهذا قتل مجردمآتم بحجم الغياب الذي يقهقه في دميعربات بعجلة واحدة تسير في رأسيحجب النور المنتشرة تسدد نحوي بصيرتهاتخيط صدارات البهجة بخيوط الحزن الحادةأستحضر وهن الروح الخرابتبدأ جنازات الكينونة داخليوأبكي كطلقة مكتومة الصوت***احتياج الكلاماجتياح الفوضىأشياء تمتد عميقا كخنجر يتلهف للمضييرتد كضوء جفل من عناق الظلمةينسحب للخلف بأقدام الشهقة المتوالية اللهاثلابأسقليلا .. قليلا سيبرد ككل الجراحسيشترك مع الأشياء في الخبز والحيزكان أعلىكسائل لا تتملكه الأشكال .. (كان)بخطوة واحدة قفز خارج المفازاتتحرر من هالته الطويلةأصبح ثقيلا جداا .. (لم يكن له وزن)وأناااااااااا لم أكن أضيق من الآنها أتسعأشحذ غيابهأشهر له مأذنتيأصلى صلاة الموتىالسياب يحضر ( مطر مطر مطر)لالا أيها العزيز بل (موت موت موت )يهرع الموتى ليغتسلون في دمييكفون عن البكاءالزخات محزونات الأطر تغادر السماء إليّ بانتباه مفتعلكان وجه مضطرب بلا أقنعةتراقص بخفة ريث أن يموتكسمكة خارجة للتو من البحر
مات
مدهشة تلك اللحظة القابضة على الروح
المخيلة تميمة الفقد الأزلية
الموتى يهبطون في دمي بمظلات ملونة
يباركون الرعشات الوحشية
يتبهرج المشهد بالفرح المطلي بالفتنة الغاصة بالوجع وبهدايا الكائنات الخفية
مر من مر لم تكترث الكائنات المتسربة من شقوقي الكثيرة ،فلاتزال تتشمس على جرحي الدافئ ، وتغتسل في صدى الضحكة الممتدة من زمن التدوين ، والمعلقة على حبال التاريخ ، الرجل البارد لم يهتف بي (تعالي) ، فقررت أن أبقى دافئة على هاوية الفناء لأذرع ظل البحر الراسخ في قعري ، وأرضع حنين الفقد الأزلي ..
يأكلني الملحأنفجر كسحابة ثقيلة بالودقأشهر حزني للريح بكبرياءتترمد على بقاياه المترملةلاوقت لأنشق رائحة الفجيعة ،(قالت):اليد التي تلوّح تصلح أيضا للسلامأتبعثر بفوضى اللهيب المترسب في قعر الكأسمنفلتة من جموح الخليقةكتيار أخطأ لحظة الاشتعالولم ينطفئ