الخميس ٢٤ نيسان (أبريل) ٢٠٢٥
بقلم محمد عبد الحليم غنيم

خبيرة التجميل

بقلم : ليديا ميليت

قالت الزبونة:

"ما زلتُ أرغب في مثلث في المقدمة. أشعر أن إزالة الشعر الكاملة ستجعلني أبدو وكأنني أحاول أن أظهر كطفلة قبل البلوغ. تفهمين؟"

قالت فيا:

"أفهم ، إذاً هل تتركين النمو الطبيعي؟ أم تريدينني أن أشكله قليلاً؟ مثل مثلث دقيق؟"

"أعني، المشكلة في تشكيله هي أنه يجب علي نتف الحواف بين جلسات الشمع.الشعرات الزائدة تجنني. يمكن أن تصابي بالوسواس في النتف. تفهمين؟"

قالت فيا وهي تشير برأسها:

"أفهم ، النتف مسبب للإدمان."

"مجرد الجلوس على المرحاض. والنظر إلى الأسفل والنتف، نتف، نتف. يؤلم رقبتي."

"حسنًا. فقط طبيعي من الأمام. هل يمكنك أن تفتحي ساقيك على شكل فراشة من فضلك؟"

لم تستطع أن تتذكر لماذا كان من المفترض أن يقولوا "فراشة". ربما لأنه كان يبدو جميلاً. في الواقع كان شكلها ماسيًا: الركبتان تبتعدان عن بعضهما، لكن القدمين تبقيان قريبين من بعضهما. لذا من منطقة الفخذين إلى الكاحلين، كان الشكل على شكل ماسة. والماس أيضًا جميل.

أحيانًا كانت تقول "ماسة"، لكن الضيوف فهموا "فراشة" بشكل أفضل. كانت حركة فتح الركبتين للخارج تشبه فتح أجنحة الفراشة.

كانت الحركة هي المهمة، وليس الشكل.

لفَّت الشمع حول العود. كان ذلك أيضًا يتعلق بالحركة. لفّ، لفّ، لفّ. عندما بدأت، كانت أصابعها متيبسة بعد كل نوبة عمل. لا يجب أن الشمع يكون ساخنًا لدرجة الاحتراق، لكنه أيضًا لا يجب أن يكون باردا .

سألتْ فيا، وهي تفرك الشمع على فخذها الداخلي.

"هل درجة الحرارة مناسبة؟"

قالت الزبونة:

"جيدة ، جيدة"

كانت قد خلعت جواربها - بعضهن يفعلن ذلك وبعضهن لا - وكان أظفار قدميها مزينة بالورود.

قالت فيا:

"يعجبني طلاء أظافرك "

مع البيكينيات وإزالة الشعر البرازيلية، كان عليها إبقاء الحوار متدفقًا. إذا سكتَ، شعرت الزبونات بالخجل. في ذلك الصمت، يدركن فجأة أنهن دخلنَ من الشارع، وبسطنَ سيقانهن تحت أضواء النيون، ولا يعرفنَ عنك شيئًا..

ولكنك كنت هناك، تلمسين أعضاءهن الحميمة.

"حقًا؟ كنت قد طلبت رسم زهور الأقحوان، لكنها رسمت ورودًا بدلًا منها. دائمًا ما يكون هناك حاجز لغوي في صالونات تجميل الأظافر."

"أعرف ذلك جيدًا."

"يهزون رؤوسهن وكأنهن قد فهمن، ثم يفعلن شيئا مختلفا تمامًا. وعندها تشعرين بالحرج من أن تطلبي منهن التوقف؛ فلا ترغبين في أن تظهري بمظهر الزبونة المتعبة."

"بالضبط، تقولين في نفسك: لا بأس."

"تستسلمين للأمر الواقع."

" ترفعين الراية البيضاء."

"لكن ليس الجميع خجولات. كانت هناك سيدة بجواري قبل جلستين، أجبرتهن على تغيير اللون بعد الانتهاء من كلا القدمين. وكان الجل! هل دفعت ضعف السعر؟ أشك في ذلك."

"إذن هذه أول شفاه، قد تؤلم قليلاً لأنها المرة الأولى منذ أكثر من ستة أسابيع. زفير. جاهزة؟ واحد، اثنان، ثلاثة."
نزعتها بسرعة. شهقة حادة.

"آه! لكن لم يكن الأمر بهذا السوء... لدي صديقة حاولت فعلها في المنزل. إزالة الشعر البرازيلية."
"أوه، حقاً؟!"

"أثناء الإغلاق الأول. أخبرتها أن هذا جنون. لقد اقتطعت جزءاً من جلدها. من مهبلها."

أعني فرجها بالضبط. لكن من كان يجادل؟

"الأمر صعب. أنا لا أفعلها لنفسي أبداً رغم تدريبي."

"بالإضافة إلى الشمع نفسه. هنا أفضل بكثير من تلك المجموعات المنزلية."

"حسناً، شمعنا - ولست أقول هذا لأنني أعمل هنا - هو الأفضل بلا منازع. إنها تركيبة خاصة."

الحق يقال. الشمع كان رائعاً.

"قالت أن زوجها يرفض ممارسة الجنس الفموي إن كان هناك شعر. أو حتى شعيرات قصيرة."
كان عليها التأقلم. وإبقاء الحديث مستمراً.

"هذا نوعاً ما محزن؟ أعني، كاختصاصية إزالة شعر أنا منحازة، لكن لا يجب أن تكون هناك شروط. صحيح؟"

"بالضبط. أنا لست من دعاة النسوية المتطرفة، لكن يا صديقتي، اعرفي حقوقك."

"حقاً. حسنًا، خذي نفسًا عميقًا مرة أخرى."

"لا أحد يريد شعراً في أسنانه. لكن أحياناً، كما في الجائحة، يكون هذا ثمن العلاقة."

"كلنا قدمنا تضحيات."

ضحكت الزبونة.

لكن بعد كلمة "تضحيات"، تذكرت فيا توماس. الذي مات. عمتها تهتز باكية.

ذات يوم كان يركب دراجته الصغيرة، وفي اليوم التالي لم يستطع التنفس.

كان عليها أن تنسى.

سألت الزبونة.

"هل انتهينا من هنا؟"

" انتهينا تمامًا. فقط أحتاج لتنظيف المنطقة الخلفية. يمكنك أن تنقلبي، أو ترفعي ركبتيك نحو وجهك، أيًّا كان أيسر لك."

"سأرفعهما. لا أحب وضعية الكلب تلك."

"أفهمك تمامًا."

"لكنّك كنتِ رائعة. بالكاد شعرتُ بالألم."

قالت لها وهي تودّعها عند بهو الدفع.

"أتمنّى لكِ يومًا رائعًا "

كان من المفترض دائمًا أن تقول الموظفات الاستقبال هذه العبارة، ولكن بعد أن استلمت تامرا مظروف الإكرامية، عادت مباشرةً لتحدق في هاتفها. كانت تقول إنها عبارة غبية. بالإضافة إلى أنها كانت من محبي موضة "القوث" ولم تتناسب مع أسلوبها.

وبالرغم من أنها كانت غبية، إلا أن فيا كانت تقولها على أي حال. نظرًا لأن تامرا رفضت. كانت تقولها ربما عشر مرات خلال نوبتها، لتعوض عن صمت تامرا العابس. أتمنى لك يومًا رائعًا! يومًا رائعًا! يومًا رائعًا!

في بعض الأحيان، كانت العبارة تتردد في رأسها ليلًا.

بقي ثماني دقائق على الموعد التالي. كانت تعتقد أنهم ربما سيسمحون لهن بأخذ استراحة، نظرًا لأن عدد الزبونات قد قل، لكن بدلًا من ذلك قاموا بفصل الموظفات الجدد والإبقاء على الجدول الزمني المضغوط. بالنسبة إلى أخصائيات إزالة الشعر المتبقيات.

لذا ذهبت إلى الحمام. لو لم تفعل، لانسلت باتي من غرفتها لتتحدث إليها طوال الوقت. تصفحت الصور في هاتفها. قبر توماس، ومزهرية الورد فوقه. لا بد أن الورود المرسومة على أظافر القدمين هي ما ذكرتها به.

كانت هناك أيضًا دراجة ألعاب صغيرة عند القبر. زرقاء، بنفس لون دراجته الحقيقية. أحب تلك الدراجة الزرقاء. حصل عليها في عيد الميلاد ذلك، عيد الميلاد عام ٢٠١٩، وكان يركبها طوال الوقت. وضع عليها ملصقات لشخصيات البوكيمون. معظمها لتلك الشخصية الصفراء اللطيفة.

وقد قال لها: "يقولون إنه ليس من فئران البيكا، رغم أن اسمه بيكاتشو. لكني أحب حيوانات البيكا. تعيش في الجبال وتُصدر صريرًا."

لم يكن ضخمًا أو أي شيء. كان فقط مصابًا بالربو. هذا كل ما في الأمر. الكثير من الأطفال في حيه كانوا مصابين بالربو. كان الحي قريبًا من مستودع شاحنات ضخم. ولم يمت أي من هؤلاء الأطفال بسبب كوفيد.

قال الطبيب: "أخشى أننا لا نستطيع تفسير تعرضه للإصابة. هذا غير معتاد إحصائيًا، لكننا نرى بعض هذه الحالات. أتمنى لو استطعنا فعل المزيد من أجله."

منذ ذلك الحين، أصبحت عمتها منعزلة في المنزل. كانت تذهب للرقص السالسا مرة في الأسبوع. وتحب عملها كفنية أسنان. أما الآن فهي تشاهد التلفاز طوال اليوم. مرت سنوات، لكن لم يستطع أحد إقناعها بالتوقف عن مشاهدة التلفاز. سباقات الخيول في الغالب.

لم تكن تحب الخيول من قبل. لكنها الآن تقول إنها ترغب في مشاهدتها وهي تركض. تدور في دوائر، مرارًا وتكرارًا.

"يقولون إن الخيول تشعر بالفوز حين تفوز"، كانت قد أخبرت فِيا ذات مرة، بينما كانت فِيا تجلس بجانبها على أريكة تفوح منها رائحة سرير متّسخ. "المفترض أن يكون الأمر ممتعًا لها. لكنني لا أصدق ذلك. أنظر في عيونها. ما يفكر فيه الحصان هو: أركض وأركض... لكنني لا أستطيع الهرب أبدًا."

تبًّا. تجاوزت الوقت بدقيقتين. ولم تكن قد مسحت الطاولة بعد. فاستعجلت في نفض أنفها وغسل يديها.

كانت الزبونة التالية تطلب إزالة الشعر من الساقين وتحت الإبطين. في البداية، لم تتعرف فِيا عليها من تحت الكمامة.

كانت الشركة قد قالت إن الأمر متروك لهن. يفعلن ما يناسبهن. حسب راحتهم. في موقعهن. وقد قررن حينها، استخدام الكمامات.

لم تكن تمرا مهتمة بالأمر، لكنها خضعت لرأي الأغلبية. لذا، أبقت كمامة الوجه أسفل ذقنها، دون فائدة تُذكر.

منذ ذلك الحين، توقفت فِيا عن الإعجاب بها.

مرّ وقت طويل على تلك الحادثة، ومع ذلك، كان أغلب العاملات — باستثناء تمرا — ما زلن يرتدين الكمامات، في أغلب الأيام.

أما الزبونات، فنادراً ما يفعلن .

قالت فِيا .

"مضى وقت طويل! سعيدة برؤيتك!"

ردّت الزبونة:

"ماذا عساي أن أقول؟ لم يكن هناك من أثير إعجابه"

أستاذة جامعية في منتصف العمر، وكانت معروفة بكرمها ولطفها.أضافت فى ابتهاج: "لكن لديّ موعد غدًا."
قالت فيا: "يا إلهي، أتذكرها". "دوري، دوري".

ترودي، كان هذا اسمها. كان مكتوبًا جيرترود في شهادة ميلادها، كما أخبرت فيا سابقًا. لكن من سيُطلق عليها اسم جيرترود؟ جيرترود شتاين فقط هي من تستطيع فعل ذلك.

كانت ترودي في الخمسينيات من عمرها.، قالت:

"ربما لن ينتهي الأمر على خير.. وجدته على تطبيق مواعدة . لكنها ذريعة للخروج من المنزل. وارتداء تنورة لمرة واحدة."
"استخدمت تطبيقين. هكذا تعرفت على حبيبي."

"حقًا؟ هذا مُطمئن! كان ابني هو من أقنعني بفعل ذلك. يعتقد أنني انطوائية. ويقول إنه غير صحي. لذلك سأذهب لتناول العشاء مع رجل عشوائي لإسعاد ابني."

"هذا ظريف! كم يبلغ عمر ابنك مرة أخرى؟"

"قرابة الخامسة عشرة."

"جميل أن يهتم. أخي حين كان في هذا العمر، لم يكن حتى يلاحظ أن أمنا إنسانة. كان يراها مجرد طباخة ومنظفة خاصة."

"حسنًا، أنا فظيعة في كليهما. لذا نصيحتي للأمهات: تجنبن ذلك. ولن يكون هناك أي التباس."

ضحكت فيا.

"على أية حال، الرجل الذي سأخرج معه يدعي أنه يملك مشروعًا للخدمات الغذائية. لذا ربما يكون الطعام لذيذًا على الأقل."

قالت فيا.

"أوه، جيد."

" لكن قد يكون بسهولة من تلك المواعيد حيث تكتشفين أنه أكبر بعشرين عامًا مما ادعى. ما يجعله في هذه الحالة يقترب من السبعين. بلا شعر إطلاقًا. إلا في أذنيه وأنفه."

"رغم أن بعض الصلعاء ظرفاء. ألا تعتقدين؟"

"بالتأكيد. إن لم يحاولوا إخفاءه. بتسريحات مبالغ فيها أو زراعات."

"ماذا عن عمليات زرع الشعر؟ مثل إيلون ماسك؟"

" هل إيلون ماسك خضع لزراعة شعر؟"

"هذا واضح! حسنًا، ارفعي ذراعك الأخرى من فضلك."

"إذن أتخيلها الآن، مثلما يُنقل العضو للمستشفى بمروحية عليها الصليب الأحمر. في ثلاجة صغيرة. وداخلها شعر إيلون ماسك الجديد. على الثلج."

"مثل سنجاب بني صغير."

"لكن أظن أنه يجب أن يكون متصلًا بفروة رأس."

"مستحيل!"

"لكن انتظري، هل الزرعات مثل الغرسات؟"

"أعتقد أن الغرسات الحديثة أفضل. الجراحون يعملون على البصيلات فرديًا. عندما كنت أحصل على رخصة التجميل شرحوا لنا ذلك مرة. قد يكلف الرجل قرابة خمسة عشر ألف دولارا أو أكثر."

"هذا فلس بالنسبة لإيلون."

"يمكنه تحمل خيار فروة الرأس كاملة."

"يمكنه شراء فروة رأس من السوق السوداء."

"هل تريدين أن أعمل أصابع قدميك؟ بدون تكلفة إضافية. وهي سريعة حقًا."

"شكرًا. هذه الشعيرات قبيحة."

"ليس لديك الكثير. كان لدي زبونة ذات يوم بدت أصابع قدميها وكأن لها لحى مصغرة."

"هذا قد يكون مفيدًا! إذا رسمت عيونًا وفمًا على الأظافر، يمكنكِ تقديم عروض دمى."

وهناك عاد توماس إلى الظهور من جديد.

كان يقدم لها عروض دمى. بدمى جوارب. إحداها كانت ديناصورًا، والأخرى دجاجة. لصق عليها عيونًا جولية. وجعلهما تتحدثان بأصوات مختلفة. الديناصور يقول أشياء مضحكة وذكية، بينما الدجاجة تقول "بوك-بوك" فحسب. وتنقره.

"صوفيا. أنتِ بخير؟"

"نعم، لا، أنا..."

" تريدين التوقف قليلًا؟ يمكنني الانتظار. خذي وقتك. لا عجلة."

أنزلت ترودي ساقيها من فوق الطاولة. كان الشمع على أصابع قدميها كتلا زرقاء داكنة. مدّت يدها إلى صندوق المناديل على المنضدة. سحبت واحدا وناولته إلى فيا.

لمست ساعدها. ممسكة به برفق.

قالت فيا وهي تمسح دموعها. ربما كانت الماسكارا قد ذابت الآن :

"كان لدي ابن عمة صغير. كان يصنع دماه بنفسه."

"هل فعل؟"

"كان هناك ديناصور... بأسنان مصنوعة من اللباد الأبيض."

"حسنًا."

"قال إنه ديناصور لطيف. ليس شريرًا. كانت لديه أسنان كبيرة. لكنه كان آكل نبات. هكذا قال. وعدوه... عدوه كان دجاجة."

"آه، بالتأكيد. أحيانا تكون الدجاجات مرعبة. تنقر بعضها حتى الموت. إذا تركت، بالإضافة إلى حقيقة غير معروفة: بيضها وفضلاتها يخرجان من نفس الفتحة."

جمعت فيا. بين ضحكة وبكاء.

"لم يكن من المفترض أبدًا أن يحدث شيء مثل هذا. أبدًا."

"أنا آسفة. آسفة جدًا."

"لا داعي للاعتذار. أحيانًا تصيبنا الأشياء. في غير وقتها. لا بأس بي."

"لقد توفي، توماس، في ٢٠٢٠. بسبب كوفيد. كان عمره تسع سنوات فقط."

"أوه، لا."

"كان يبدو بصحة جيدة. إلا أنه كان مصابًا بالربو. وكان لديه بخاخ. لكنه كان يتزلج. يلعب كرة السلة. كان لائقًا."

"أنا آسفة جدًا."

"ومنذ ذلك الحين، عمتي لا تريد أن تعيش بعد الآن. تقول إنها لا تستطيع الانتحار ،لأن لديها طفلين آخرين. يحتاجانها. لكنها لا تطيق الاستمرار في الحياة. حتى بعد خمس سنوات. تفكر فيه دائمًا. قالت ذلك لأمي."

"سأشعر بنفس الشيء. لفترة. حقًا."

" لم يكن حتى... لم يكن ابني. أعني، كان ابن عمتي الصغير. المفضل لدي. لكنه ليس طفلي. وأحيانًا أتذكر. كانت الذكرى الأسبوع الماضي. لوفاته. فاجأني الحزن... ثم أفكر، كيف يمكن أن أنجب طفلًا؟ إذا كان هذا ممكنًا؟"

"أعلم. صدقيني. إنه أسوأ شيء في العالم."

"لا أريد ذلك."

"وليس عليكِ."

"فقط لا أريد."

"وهذا مقبول."

لم تكن تعرف ذلك. قبل هذه اللحظة. والآن ها هو.
عائلتها المتشعب لديها أطفال كثر. كان ذلك عمليًا وظيفتك. بمجرد إنجاب الأطفال، تنضمين إلى النادي إلى الأبد.

لكنها لم تستطع. أبدًا.
لم تتحمل الفكرة. قالت:
"يمكن أن يُؤخذ منكِ."
أدارت كتفيها وسحبت منديلًا آخر.
"تسع سنوات. ثم... بين ليلة وضحاها."
"قد يحدث. الناس لا تفكر في ذلك حقًا عند الحمل. يجب أن يتجاهلوا الاحتمال. احتمال المأساة. لكن لا أحد يقول إنه يجب أن تكوني واحدة منهم."
استغرقت دقيقة لتجفيف عينيها. من فوق القناع تنظر في المرآة الصغيرة التي تحتفظ بها في الدرج. كانت ترودي صامتة، تنتظر.

شعرت بإحراج شديد. قالت ترودي:

"لا تقلقي بشأني. حسنًا؟ رجاءً."
"لا، لكن شكرًا. مازال عليّ إزالة الشمع. من أصابع قدميك."
" حسنًا، نعم. لن أرفض. وإلا ستلتصق بحذائي. سأذهب إلى موعدي بهذا الحذاء الرياضي القديم. وإذا سار الأمر بشكل جيد، في مفاجأة، لن أستطيع خلعه. سأقول: آسفة، لا، أنا دائمًا أرتدي هذا الحذاء. إنه شيء خاص بي."

ضحكت فيا قليلًا.

مازالت تنتحب.
حركت ترودي أصابع قدميها. قالت، وهي تحدق في الشمع.

"أوه-أوه. أصبح قاسيًا جدًا. هل سيزال؟"
"سأزيله. أعدكِ. ستكون هذه الأصابع ناعمة كيوم ولادتها."

أعطتها ترودي الإكرامية في الغرفة مباشرة. بدلًا من انتظار تامرا لتسليمها المظروف الصغير عند الاستقبال.

قبل الخروج إلى الرواق، التفتت إلى فيا وفتحت ذراعيها للعناق.

قالت:
"أنا بالطبع حصلت على كل التطعيمات. "كل الجرعات المعززة."
"وأنا أيضًا."
عند التسليم، قدمت فيا الإيصال. أخبرت تامرا.
"من أربع إلى ست أسابيع للموعد القادم."
"شكرًا جزيلًا."

قالت فيا:
"لا، شكرًا لكِ. أعني ذلك حقًا."
لم تقل حتى "يوم رائع".
لكن بعد اختفاء ترودي في موقف السيارات، وقفت وحدها عند واجهة المحل الزجاجية، تحدق في الخارج. كانت السيارات تتألق مثل الجواهر القبيحة.

(انتهت)

من كتاب "الرجعيون" لـ ليديا ميلّيت.

الكاتبة: ليديا ميليت/ Lydia Millet (مواليد 5 ديسمبر 1968) روائية أمريكية. وُلدت ميليت في بوسطن، ماساتشوستس، ونشأت في تورنتو، أونتاريو، كندا، حيث التحقت بمدارس جامعة تورنتو. حصلت على درجة البكالوريوس في الدراسات البينية (العلوم المتعددة)، مع أعلى مرتبة شرف في الكتابة الإبداعية، من جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، ودرجة الماجستير من جامعة ديوك. كانت متزوجة سابقًا من كيران ساكلينغ، وتعيش الآن في توسان، أريزونا، مع طفليها. ألّفت ليديا ميليت أكثر من اثنتي عشرة رواية ومجموعة قصصية. اختيرت روايتها "إنجيل الأطفال" ضمن قائمة نيويورك تايمز لأفضل عشرة كتب لعام ٢٠٢٠، ورُشّحت لجائزة الكتاب الوطني. في عام ٢٠١٩، حازت مجموعتها القصصية "لا مزيد من القتال" على جائزة الاستحقاق من الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب، ووصلت مجموعتها "الحب في القرود الرضيعة" إلى القائمة النهائية لجائزة بوليتزر عام ٢٠١٠. تكتب ميليت أيضًا مقالات ومقالات رأي ومراجعات كتب وغيرها من المواد، وتعمل محررة وكاتبة في مركز التنوع البيولوجي منذ عام ١٩٩٩. وقد وصفت مجلة صالون أعمال ميليت قائلةً: "كتابتها دائمًا ما تكون في غاية الجمال، فهي تسعى إلى تجربة تسبق اللغة نفسها"


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى