حيوميت!؟
حكاية من عام البون .
(المرحوم سي علال الله يرحمو ... الله يغفر له... الله يوسع عليه ديقات القبور ..)
بنبرات صوته الحزين. كان الفقيه سي الحسين. يدعو بالرحمة والمغفرة للميت. بينما (الجماعة) يؤمنون على قوله : (اللهم آمين ... يارب العالمين).
بعد تناولهم (عشاء الميت). والذي لم يكن سوى. بعض الأعشاب من نبتة «يرني». مع خليط من دقيق شعير يابس. وشاي بدون سكر.
في هذه الأثناء وقع ما لم يكن في الحسبان؟!
شخصت أنظارهم للواقف أمامهم. فركوا أعينهم! اشرابت الأعناق نحو القادم. تعالت أصواتهم في وقت واحد: علال!؟ ضربوا اخماسا في اسداس. سرت همهمة بينهم: واش هو؟ واش خرج من لقبر؟ والعجب هذا! هاااادي علامة الساعة! خاطبهم هو: ياالكفرة بالله يا الغدارين! ما حشمتوش دفنتوني ونا حي! اش غاتكولو غدا امام الله؟ انحنت الرؤوس خجلا. اعتذروا عن خطءهم الغير مقصود ...
قال لهم: (سيرو المقبرة! سيرو عتقو المكي). انصرفوا في اتجاه مقبرة الدوار لا يلوون على شيء ... هالهم ما رأوه ... المكي منبطح فوق قبر علال. نصفه داخل الحفرة والنصف الآخر خارجها. الرأس والأطراف العليا غارقة في الحفرة. وظهره وأطرافه السفلى متدلية في الهواء! عن مؤخرته ينحسر لباسه الرث. حملوا الجثة إلى الدوار. غسلوها وكفنوها في كفن علال. بل و دفنوها في قبره...
المكي كان ضحية جشعه ... بعدما دفن علال غافل ساكنة الدوار... نبش قبره للاستحواذ على كفنه واتخاذه لباسا ... وهي من العادات التي تفشت عام البون والمجاعة... قال مع نفسه: ياك علال مات... وغادي ياكلو الدود... انا احق بالكفن منه...) ... لكنه فوجيء بالميت يتحرك ويعود للحياة... تعلق بتلابيبه مستنجدا... زهقت روح المكي في الحال من هول الصدمة... وفارق الحياة في الحين ...
أما علال فاصبح محل تقديس وتبجيل وتوقير. من طرف ساكنة القبيلة... لقبوه ب: (حيو ميت). لأنه مات وعاد للحياة. اعتبروا ذلك من المعجزات. بل كانوا يلقبونه ب (الشريف) . ونسبوا إليه الكثير من الكرامات. وامتد به العمر وتزوج عدة زوجات. خلفن له العديد من الأبناء والاحفاد ... عرفوا في القبيلة (بأولاد حيو ميت).