القطة التي ولدت فأرا
وضعت الأمُّ يدَها على بطن القطّة "جيجي" وبما لديها من خبرة في تربية القطط لأكثر من عشر سنوات أخبرتهم أن القطّة حامل.
فرح الجميع بالخبر السعيد، خاصة "عمر" و"إيمان" وأخذ عمر يفكّر في أسماء للقطط الصغيرة حسب لونها فيقول: إذا جاءت قطّة سوداء نسميها "ليلة"، وإذا جاءت قطة بيضاء نسميها "سكر"، وإذا جاءت قطة صفراء نسميها "شمس"، وإذا جاءت بنيّة نسميها "مشمشة"، فضحكت إيمان وقالت: أنا الكبيرة وقد اتفقت مع أمي أن آخذ قطّة لي وأسميها كما أريد، فقال عمر وقد بدا الغضب يظهر على وجهه: أنا لستُ صغيراً؛ فقد أكملت السادسة منذ أيام، وأنت أكبر مِنِّي بثلاثة أعوام فقط، ثم ما علاقة السنّ باختيار أسماء القطط؟! فضحكت الأم وقالت: لا تسبقوا الأحداث، ولننتظر حتى تلد "جيجي" وتقوم بالسلامة وبعدها نفكّر في أسماء القطط الصغيرة، فنظرت إيمان إلى أمها قائلة: هل ستلد القطّة "طبيعي" أم "قيصري"؟ فضحكت الأم وقالت: حسب رأي الطبيب، وقال عمر مازحًا: هل سنستخرج لهم شهادات ميلاد بأسمائهم؟! فضحكت الأم وقالت: لا تضيّعوا الوقت، يجب عليكم الذهاب إلى النوم لتستيقظوا لمدرستكم في الصباح، فقبَّل كل من "عمر" و"إيمان" أمهما واتجه كل منهما إلى حجرته، وقبل أن يدخل عمر إلى حجرته استدار إلى أمه قائلاً: يجب أن تستريح "جيجي" ولا تعمل أي عمل في البيت؛ لأنها حامل فضحكت الأم وقالت: فعلاً يا عمر معك حق، من الغد ستقوم أنتَ بكل أعمال البيت وحدك، فضحكت إيمان وقالت: هذا أفضل شيء، ودخل كل منهما إلى حجرته.
وأخذ بطن "جيجي" يكبر يوما بعد يوم وكان الجميع يعاملونها بلطف وينتظرون يوم ولادتها بشوق شديد، وفي أحد الأيام وجد عمر "جيجي" تتجول كثيرا في حجرته، وتفتش في كل ركن فيها، فأخبر والدته فقالت له: دعها تفعل ما تشاء؛ فهي ستختار مكانا تلد فيه صغارها..
وعندما دخل حجرته لينام مساء ذلك اليوم وجد باب دولابه مفتوحًا قليلًا فذهب ليغلقه لكنه فوجئ بالقطة "جيجي" قد دخلت ونامت بجوار حقيبته القديمة التي وضعها في أرضية الدولاب، فذهب وأخبر أمه التي طلبت منه أن يخرج الحقيبة القديمة ويضع بدلا منها قطعة كبيرة من القماش القديم الموجود في المطبخ، وفعل عمر ما طلبته أمه ثم اتجه إلى سريره لينام، وفي الصباح استيقظ على أصوات صغيرة، فقام بسرعة وأضاء نور الحجرة وتذكّر القطة "جيجي" التي في الدولاب، ففتح باب الدولاب فرأي فأرا، فأغلق الباب وصرخ، وجرى مسرعًا خارج الحجرة فوجد أمامه أخته "إيمان" فأخبرها بما حدث قائلا: لقد ولدت القطة فأرا، فأخذته إيمان ودخلت به إلى حجرتها، وطلبت منه أن يحكي لها ما حدث بالتفصيل، فحكى لها، فجلست إيمان تخبره عن قدرة الله عز وجل، وأن الله قادر على كل شيء كما أخبرتها معلمة التربية الدينية؛ فقد خلق الله الإنسان من طين، وخلق الملائكة من نور، وخلق الجن من نار، وهو سبحانه وتعالى قادر على خلق أي شيء، وأخبرته أنها قرأت قصة ولدت الزرافة فيها فيلاً ضخماً، وتعجّب عمر من كلام "إيمان" وقال لها: لكنني أحب القطط ولا أحب الفئران، فقالت "إيمان": ومن منّا يحب الفئران؟! إنها كائنات ضارة، أما القطط فهي كائنات وديعة مسلية صديقة للإنسان، وظل عمر يتعجّب من هذه القطة التي ولدت فأراً، وسأل "إيمان": لماذا لم تلد أرنباً أو دجاجة نأكلها عندما تكبر؟ بدلا من هذا الفأر فهو الذي سيأكل طعامنا، فضحكت "إيمان" وقالت لعمر: لا أدري يا عمر، ربما أرادت القطة أن تصلح العلاقة السيئة المشهورة بين القطط والفئران، ألم تشاهد معي "توم وجيري"؟! فضحك عمر وقال: ربما.
وبينما هما في حديثهما إذا بهما يسمعان نداء أمهما:
– عمر، إيمان، أسرعا لديّ مفاجأة لكما، فاتجها إلى حجرة أمهما لكنهما وجداها في حجرة عمر، وقد فتحت باب الدولاب وفي أرضيته قطة صغيرة رمادية اللون، فأشارت إليها قائلة: ها هو المولود الأول قد جاء، فتعجب عمر وقال لأمه: كيف تلد القطة فأرا يا أمي؟! فضحكت الأم وقالت: هذا ليس فأرًا يا عمر، لكنه قط صغير، الكائنات يا عمر لا تلد إلا من جنسها، فالقطة تلد قطة، والبقرة تلد بقرة وهكذا، فقاطعها عمر قائلا: والدجاجة تلد دجاجة وهكذا..
فضحكت الأم وإيمان التي بادرت بقولها: الدجاجة تبيض يا عمر ولا تلد.
ووضعت الأم يدها على بطن "جيجي" وقالت: ما زال فيها قطط أخرى، ولما رأت تعجّب عمر وإيمان قالت لهما: القطة يمكن أن تلد في المرة الواحدة أربع قطط أو خمس، وليس شرطا أن تلدهم جميعا مرة واحدة، فيمكن أن تلد واحدًا أو اثنين، وبعد عدة ساعات أو يوم تلد الآخرين، فقال عمر: سبحان الله!
فنظرت إليه إيمان ضاحكة وقالت: لكنها لا يمكن أبدًا أن تلد فأرًا!
فقال عمر: كما لا يمكن أن تلد الزرافة فيلا!
فتعجّبت الأم وقالت: هيا نخرج الآن لنترك "جيجي" مع صغيرها الأول، وتحكيان لي عن هذه الزرافة العجيبة.
= انتهت =