السيد حافظ
– محسن العزب : السيد حافظ هو واحد من أهم المؤلفين المسرحيين الذين ظهروا في الربع قرن الأخير من القرن الماضي وحتى الآن
– حسين مسلم : تناولت كتابات السيد حافظ الجمع بين العنف والبساطه وتجسيدها للعنف الإنساني داخل المجتمعات العربية
– أحمد عبد الرازق أبو العلا : ظلم السيد حافظ نتيجة الفساد الثقافي العام الذي لا يعطي فرصة للكتاب الحقيقيون لتقديم أعمالهم
من القاهرة : غيداء حافظ
بمناسبة المهرجان الدولي للمسرح التجريبي أقيم في أتيليه القاهرة ندوة حول مسرح السيد حافظ حضرها نخبه من فناني ومثقفي القاهرة والوطن العربي في الحادي والعشرين من سبتمبر 2004 تناول من خلالها الحضور مسرح السيد حافظ وتاريخه التجريبي وتميزه كمبدع مسرحي ورائد من رواد المسرح التجريبي والعقبات التي تواجهه كمبدع وأزمة الإبداع في مصر والدول العربية والتحديات التي تواجه الإبداع كما تناولوا بالنقد والتحليل بعض أعماله المسرحية التي تركت بصمه في المسرح من خلال تميزه في التناول والبناء الدرامي للمسرح والدراسات الأكاديمية التي أجريت حول مسرح السيد حافظ سواء في مصر أو الدول العربية ، وقد أدار الندوة الناقد أسامة عرابي وحضرها كل من : د.فوزيه مهران (مصر)- المخرج المنجي بن إبراهيم (تونس)- عبد الغني داود (مصر)- د.عبد الكريم برشيد (المغرب)- محسن العزبي (مصر)- عمر نقرش (الأردن)- أحمد عبد الرازق أبو العلا (مصر)- فراس الريموني (الأردن)- فهمي الخولي (مصر)- ناصر الزغبي (الأردن)- أبو العلا السلاموني (مصر) – مخلد الزيودي (الأردن)- حسن رشيد (قطر)- المخرج وعميد المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت سابقاً حسين مسلم (الكويت)- سالم عبد الحميد (ليبيا) .
في البداية استعرض الناقد /أسامة عرابي أعمال السيد حافظ منذ بداياته وحظو مسرحه بالعديد من الدراسات النقدية التي تناولت جوانبه الطليعه وأشكاله التراثيه ووظيفته الفنيه والفكرية كما تناول السيد حافظ في التأليف المسرحي وحصوله علي جائزه أحسن مؤلف لعمل مسرحي موجه للأطفال في الكويت ومنحة التفرع من وزارة الثقافه المصرية بدرجة رائد من رواد المسرح المصري وعضو شرف المنظمه الأمريكيه للتربية المسرحية جامعة آريزونا التي نشرت له خمسه مسرحيات بالإنجليزية وثلاثه بالعربية علي الإنترنت كما قامت بنشر خمس مسرحيات أخري بالإنجليزية وللسيد حافظ نزوع تجريبياً يتوخي البحث والتنقيب عن الجديد والمغاير لكل ما هو مألوف وسائد ناشداً رؤية تشتبك بالواقع وتتجاوزه وتجتذبه في لغة فنية جاءت خالية من الزخرف الغربي وبعيداً عن الشعارية والخطاب الأيدولوجي المباشر ..
كما أضافت الناقده فوزيه مهران أن السيد حافظ قد مزج بين العبث والواقعيه ووصفته بالفنان الذي ينبع من قلب الشعب ويعاني كل ويلات العذاب والمعاناه والسخرية اللاذعه والمريره يضحك من أحمال الهموم ضحكاً كالبكاء ويلعب بالنكته ويتقن جميع أنواع الحيل وفنون المكر الجميل ويعرف كيف يصعد منا رقته الحاده ويجعلها تشع بالمعني وتمس السمع والبصر كما تناولت بالنقد مسرحيته الفائقه علي حد تعبيرها "الفلاح عبد المطيع" ، وتناول السيد حافظ من خلالها التناقضات الموجوده داخل كل إنسان والأمور السياسية منذ عصر الفاطميين وربطه بالأحداث الحياتيه والسياسيه الحاليه التي تمر بها مصر والبلاد العربية وتحدثت عن استخدامه للغه الشاعرية وتعامله مع مادة النور لتحريك الإضاءة واكدت علي تصنيف السيد حافظ بانتماءه للمسرح الشعبي الفني بالمعني والأدب .
أما الناقد المغربي عبد الكريم برشيد فاعتبر السيد حافظ نجماً في سماء الكتابة والمشاكسة الإبداعية وقال أن السيد حافظ أنجبته لحظه تاريخيه عبقرية وأنجبته مدينه عبقرية هي الاسكندرية ، وتحدث عن دعوة السيد حافظ من خلال أعماله أن نكون بلون الحياة وبلون الماء الصافي الرقراق والنابع من المنابع الأصلية كما تناول سيرة السيد حافظ في التجريب قبل أن يتحرك مهرجان المسرح التجريبي وكتاباته عن مسرح السيد حافظ من التجريب والتأسيس وأكد علي وجود التجريب والتخريب كما يمارسه الغربيون وأتهمهم بولعهم بموت الكاتب واللجوء إلي الكتابة بالجسد والحركات والإيماءات والصمت وعقد مقارنه بينه وبين تجريب السيد حافظ ووصف الأخير بأنه تجريب تأسيسي مختبري مخترق فرضيات النظريات للوصول إلي قناعات فكرية ثابته كما تناول برشيد إبداع السيد حافظ الإنسان المغترب المنخرط في القضايا القومية والإنسانية ، كما ناقش مشكلة المسرح ونادي بتحريره من القوالب والقيود التي تحكمه وفضل برشيد أن يتحدث عن الإنكتابة وليس الكتابة ووصف نفسه والسيد حافظ بأنهما لا يكتبان ولكن اللحظه التاريخيه هي التي تكتبهما وهما ما إلا أسباب موضوعيه ووصف السيد حافظ بأنه ناطق باسم الستينات والسبعينات والثمانينات وباسم جيل ومسرح وثقافه .
كما أشار الناقد محسن العزب إلي أهمية السيد حافظ في مصر والعالم العربي فهو واحد من أهم المؤلفين المسرحيين الذين ظهروا في الربع قرن الأخير من القرن الماضي وحتى الآن لتميزه الإبداعي وتعبيره عن معاناة الواقع من تردي وتخلف وقهر وممارسته لكافة أنواع الكتابة الدرامية بداية من القصة القصيرة مروراً بالإذاعة والتليفزيون وانتمائه للمسرح كما تناول الدراسات الأكاديمية التي انجزت حول مسرح السيد حافظ من الباحث المغربي الهواري بن يونس واستعراض الأعمال المسرحية للسيد حافظ سواء للكبار أو لمسرح الأطفال في مصر والدول العربية ومسرحياته التجريبيه وتجربته الأولي من خلال فرقته "الإجتياز" ومسرحية "كبرياء التفاهه في بلاد اللا معني" التي صمم ديكورها في هذا الوقت الفنان الشاب فاروق حسني وزير الثقافه المصري الآن كما عقد مقارنة بين تناول السيد حافظ فترة الشدة المستنصرية وتناول كل من علي أحمد باكثير وعبد الناصر عبد الله قائلاً لقد تناول السيد حافظ هذه الشده بكوميديا ممزوجه ببعض المأساه ومنظور اجتماعي شامل يأخذ أبعاداً سياسية واقتصادية ترمي من قريب وليس بعيد عن الواقع العربي المعاصر المشترك ونموذج الحاكم العربي الواحد المتشابك
كما تحدث د.حسين مسلم عميد المعهد العالي للفنون المسرحية الأسبق بالكويت عن تجربته في الإخراج المسرحي لنصوص السيد حافظ في مسرح الطفل بالكويت وخاصة مسرحية "بيبي والعجوز" التي قدمت في الكويت عام 89 كما تحدث عن ضرورة عدم التغير في نصوص السيد حافظ من خلال هذا النص الذي رفض تغيره قائلاً إن الناحية الإخراجيه هي الكتابه الثانية وتدعم الكتابة الأولي وتبرزها وتوضحها وتجسدها وتجعلها أكثر تأثير في نفس المتفرج وتناول كتابات السيد حافظ واصفاً إياها بجمعها بين العنف والبساطه وتجسيدها للعنف الإنساني داخل المجتمعات العربية كما تحدث عن إصرار وزير ثقافة العراق وقتها علي عرض تجربته المسرحية مع السيد حافظ في المهرجان المقام ببغداد لأن العراقيون آنذاك كانوا يريدون هذا المسرح الواقعي الإجتماعي الإنساني في مسرح الكبار .
كما تعرض أحمد عبد الرازق للأسباب التي ظلم من أجلها السيد حافظ نتيجة الفساد الثقافي العام الذي لا يعطي فرصة للكتاب الحقيقيون لتقديم أعمالهم علي خشبة مسرح الدولة في الوقت الذي يتردد دائماً بوجود أزمة في النص المسرحي وطرح عدة تساؤلات حول أسباب مشاكسة السيد حافظ وعدم تجاوب المؤسسة الثقافية معه ، وقد أرجع أسباب إستقطاب المؤسسه الثقافية والسياسية لبعض الكتاب الذين يختارونهم هم والذين ينتمون لهذه المؤسسات أكثر من انتمائهم لحركة الإبداع المسرحي واستطاعوا من خلال تلك المؤسسات حصد المكاسب واغلاق الأبواب أمام الكتاب والمبدعيين الحقيقين لذلك نجد السيد حافظ يشاكس ويبدو عدوانياً أما الإدارة ومن ثم يدخل في تحدي إداري للأسف الشديد يدفع هو ثمنه وتضيع العملية الإبداعية وأكد أن هذه الهموم ليست هموم السيد حافظ وحده بل هي هموم كل المبدعيين وتحدث عن مآساة السيد حافظ والمثقف عموماً وغيابه الجسماني ولكن عدم غيابه عن الحركة النقدية وأشار إلي فترة الستينات بعد الهزيمة وتميز بالمسرحيات الإجتماعية التي تعبر عن واقع ووصفه وكتاباته في هذه الفتره بالشجاعه لأن تلك الفترة لم تكن تنحاز لمثل هذه الكتابات التي تتداخل مع الواقع .رة والوطن العربي
كما تناول الناقد عبد الغني داود مسرح السيد حافظ الذي قدم 66 مسرحية في كافة المجالات ..والذي تحدث عن الكوميديا التي تشع من أعماله حتى في مسرح اللامعقول وتأثره بالمسرح العبثي وتحدث عن دراسته لنص "وسام للسيد الرئيس" وكشفه من خلال التجديد والأطياف وألوان الكوميديا بداية من الفالس وصولاً إلي الكوميديا السوداء الجاده وأرجع ذلك لكون السيد حافظ مخرج وممثل قبل الكتابة هذه الجبره والتمرسي أصبحت نصوصه حية ومبهجه حتى وهي تتناول اخطر القضايا وتحطميه لصخور التاريخ وقدسيته وتحويله إلي فكاهة من خلال الحدوته الشعبيه واعتبر أن هذه هي براعة يشهد بها للسيد حافظ .
كما تحدث المخرج فهمي الخولي عن النزعة التجريبية المتمردة علي المألوف والسائد والقوالب والتوجهات في مسرح السيد حافظ بداية من مسرحية " كبرياء التفاهة في بلاد اللا معني " وتحدث عن تجربته الإخراجية التي لم تتم مع السيد حافظ والذي كان يتمني أن تتم لولا أسباب لا يعلمها الا الله قد توقفت المسرحية ولم يتم استكمالها وأكد علي أن السيد حافظ أصبح وطناً للوطن العربي ونبياً معترف به في الدول العربية ووصفه بأبو التجريب في مصر لأنه سبق عصره في التأليف المسرحي والإبداع .
أضاف د.كمال الدين حسين تناوله الأكاديمي لمسرح السيد حافظ وتجسيده للبعد القومي وإتخاذه في دراسات واعتبره من عصب الإبداع والفكر القومي كرمز لتقديم قضايا معاصرة خاصة وأنه يلمس الجانب الوجداني من خلال العنصر التراثي والجانب المعاصر وربطه بالواقع وهذا ما تميز منه السيد حافظ كما تناول بالدارسه الجانب السياسي لأعماله وجمعه بين قمتي الطرح السياسي للقضايا في الوطن العربي ودور المسرح في التنشئة السياسية للأطفال لإستخلاص قيم تربوية ومناهج نستطيع من خلالها توظيف المسرح مع الأطفال لتوظيف القيم وأكد علي أن هذا التيار يحاول أن يضع أيدينا في أيدي الشرفاء الجاديين الذين يسعون للرقي بالإنسان المصري العربي
وفي نهاية الندوة قام السيد حافظ بشكر أصدقائه الحاضرون كما وصفهم من العرب والمصريون ووصف نفسه بالكاتب المشاكس في الكتابة والحياة لأنه يحترم مهنة الكاتب ويقدمها ولا يحب أن يتطاول أحد علي الكاتب وإحجاف دوره والإكتفاء وبالإشاره للورق دون المؤلف ووصف ذلك بعدم إحترام الإعلاميين بالتليفزيون والسينمائيين للكاتب والمؤلف لأن الكاتب هو صاحب أقدم مهنه في التاريخ .. كما أكد علي أنه حصل في هذه الندوة علي أكبر شهاده من المسرح التجريبي وتقدير وتقيم أعظم لأنها ليست شهاده صادره من حكومه ولا لجنة فاسدة وأصحاب مصالح وإنتهازيين وأرباع مؤلفيين وأخماس أدباء وأشباه كتاب وقال أن كل هؤلاء يسقطون في مزبلة التاريخ وأكد أنه والمبدعين الحقيقين سيستمرون رغم دفن البلاد العربية لهم علي يد كبار المبدعين الشرفاء في كل أرجاء الوطن العربي
كما تحدث عن المخرج الكويتي حسين مسلم ووصفه بالمبدع العصامي الشريف وكيف أنه جاء من الخارج مفعم بأمال كثيرة لتغير المسرح الكويتي وتقديم مسرحيات جديدة متطورة ومكافحتهما معاً وتساءل أين حسين مسلم لأن في بيته لأنه وجد الوظيفه بها فساد وأكد أن الفساد ليس في مصر فقط بل يمتد ويسود في الوطن العربي وأكد أن الفنانين المبدعين والمخرجين الشرفاء ستبقي وتقاوم وانتقد وزراء ومسئولين وزارتي الثقافه والإعلام الذين ليس لهم علاقة بالثقافة والإعلام في الوطن العربي واتهم الكتاب والمبدعيين والفنانيين بأنهم يقتلون ويذبحون بعض عند توليهم المناصب وليست الحكومات وأشار إلي القوانين المقيده للإبداع التي تبقي فيرحل من أصدرها عن الكرسي والقانون الفاسد هو المستمر والباقي فالفساد يرحل وهم باقون .
كما قدم الدكتور حسن رشيد قائلاً : عندما اتحدث عن السيد حافظ فهو إنسان جميل ومزعج في آن واحد أما عن إنسانيته فحدث ولا حرج ..أما عن الإزعاج فيكفي أن الدارس لإنتاجه يقف حائراً أمام تعدد المنافذ فالقصه والدراسه والبحث جانب والنقد والإخراج والمسرح جانب آخر .فمن أين يجد كل هذا الوقت لخلق كل هذه الأطر من الإبداع فهو مثلنا من صعاليك القاهرة يهرب من النهار لإحتضان الليل ..فهل هو مخاو مثلاً لأرواح شريرة أم ملائكة يستمد منهم خلق هذا الإطار من الإبداع ..يكفي أن السيد حافظ بإصراره وعزيمته وحبه اللا محدود لبني جنسه ابرز المعالم لشخصية العربي في المسرح وهو مزعج لأي مبدع يقرأ أعماله .