الخطأ... اسمه "الآخرون"
..."الآخرون"... مشجب نعلق عليه كل أخطائنا... هل رايت يوما شخصا في مجتمعنا العربي الإسلامي يعترف بخطأه؟... يقف بشجاعة ويقول أخطأت وساصلح خطئي... في كل مرة يتهم فيها هذا الشخص بالخطأ يحمله ل "الآخرون"... لست انا السبب إنهم الآخرون... كنت أجلس الى مكتب في إحدى الإدارات انتظر أن تنتهي إجراءات تخصني... جاء أحد الموظفين و أراد استعمال آلة النسخ فنصحه موظف آخر بأن لا يفعل لأن بالآلة عطب صغير وقد يؤدي استعمالها الى تعقيد العطب... لكن الموظف الاول أصر على إتمام عمله... توقفت الآلة... وأصبح العطب أكبر مما استوجب تغيير احدى القطع... وعندما أمر بتسديد ثمن القطعة بصفته المتسبب بعطبها نفى وقال إنه ليس هو السبب لماذا لا تسألون الآخرين الذين سببوا العطب الأول؟... مشكلتنا في وطننا العربي أننا لا نحاسب أنفسنا... بل نحاسب الآخرين... ومن نصبنا لنفعل ذلك؟... لو أن كل واحد منا نصب ضميره مراقبا له هو ونظر في مرآة ورأى عيوبه الشخصية... واستعمل بصره ليتبصر على نفسه قبل غيره... لما وصلت أمتنا الإسلامية إلى ما وصلت إليه من مستوى الإنحطاط... تجد صغارنا وكبارنا في الشوارع يأكلون ويرمون الأوساخ وبقايا الأطعمة على قارعة الطريق... تنهرهم أو تنبههم فيجيبوك بأن الطريق أصلا وسخة وأنهم لو وجدوها نظيفة لما فعلوا ذلك... وبأن أناسا آخرين قبلهم قاموا بتوسيخ المكان... أعذار لاتنتهي ولا تنتهي معها المشكلة بل تتفاقم... لو وضع كل واحد منا بقايا أطعمته...أو بقايا سجارته... أو محارمه الورقية... في صندوق القمامة... لنقص نسبة مئوية ولو صغيرة جدا من أوساخ المحيط... و نسبة صغيرة مضافة إلى نسبة صغيرة تصبح نسبة كبيرة... هالني أن تأتي لزيارتنا إحدى قريباتي التي تعيش في أوروبا... وعندما خرجنا أنا وهي للتجول أراد ابنها الصغير الذي لم يبلغ الخامسة من عمره... أراد أن يأكل الحلوى فاشترت له أمه... وعندما أتم أكله سألني: خالتي أين أرمي غلاف قطعة الحلوى؟ لو كان أحد أطفالنا أو حتى كبارنا لما تردد لحظة واحدة في رميه بالأرض... لماذا؟ ألأنه يعيش في مجتمع أروبي يقدر النظافة ويحترمها؟ ألست نحن أولى بالنظافة منهم؟ ألم يحثنا ربنا سبحانه وتعالى على النظافة في أكثر من آية؟ ألم يحثنا نبي الهدى رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم على النظافة في أكثر من حديث شريف؟... وتجدنا ننتقد المسؤولين والمجتمع كافة... لكن لم يرأحد ما اقترفت يداه... لم ير أحد كم ساهم في تردي الأوضاع... لكننا للقمم والإجتماعات مسرعون... وللتصفيق متهيبون... ولطعن بعضنا في الظهر مستعدون... وللدوس على مصلحة المجتمع من أجل مصلحة شخصية قادرون... وللفضيلة منكرون... وللرذيلة مرحبون... أما التنديد والاستنكار فهو صنعتنا... وهدر الوقت مهمتنا... وفي استغلال السيء قبل الحسن براعتنا... والنميمة والقذف تجارتنا... وفي تحميل الآخرين أوزارنا ليس هناك من هو أسرع منا... عندما كنت في الثانوية قال استاذ اللغة العربية بيت شعر امامي... لم احفظ من الشعر الذي درسته ايام الدراسة شيئا غير هذا البيت... وكانه نحت في ذاكرتي نحتا: يا ايها الرجل المعلم غيره... هلا لنفسك كان ذا التعليم.
... واذكر يومها انني قلت للاستاذ: صدق الشاعر... فاجابني هل تقصدينني وتحول الأمر لمشكلة كبيرة... المهم الآن... ما أردته من هذا البيت أن نخرج من النظريات ولغة الشعارات البالية... ولنحاول إيجاد حلول عملية... لو يجرب كل واحد منا قبل أن يقوم بواجب النصيحة اتجاه غيره... أولاده..تلاميذه.. زملائه... يسأل نفسه إن كان مقتنعا بما سيقوله وهل فعل ذات الشيء الذي سينصح بفعله؟... هناك مثل فرنسي يقول: كثير الكلام لا يفعل الا القليل وقليل الكلام يفعل الكثير.. فلنحاول جميعا أن نكون من الفئة الثانية.. التي تتكلم قليلا وتفعل كثيرا... ولنبدأ بأنفسنا قبل... " الآخرين"...