

أمين صفورية

(إلى أمين محمّد علي)
لأنّكَ القسطلُ
تأخذك صفّورية إلى قلعتها
وقلعتها تأخذك إلى ديرها
لأنَّك الأمينُ
تأخذك عيناها إلى ينابيعها -
لتغفو الوردة على كتفيكَ
وتغتسل من عينيكَ
يحميك حجر النصر
ونبضها المعطرة
لأنَّكَ أبو عرب
لأنَّكَ عاشقها
يرافقك قيسُ
ولأنَّكَ أنت أنت
ينصرك الصبرُ
والمقدرةُ على الاختيالِ
وكهرباء الاشتياقِ
كأنّك الربيع يأتي ضاحكًا على تلالها
والحجارةُ في وديانها
كأنَّكَ رمّانُها
ووفاءُ عطائها
كأنَّكَ أغصان ثِمارها
على ثباتِ أشجارها
الواقفة
كأنّك ظلالها
ونبعة بالقرب من كيناتِها
كأنّها نبض سرديّاتها
فقدْ أرضعتك من حليب أتراحها وأفراحها
أخذتْك إلى شذى نسماتها
أخذتْك إلى بساتينها
هزّتك تحت أغصان خرّوباتها
وأنتَ هززْتها فتساقطَ الرّطبُ عليكَ جنيّا
فأكلْت وشربْتَ وقرّتْ عينُك
ونامت أحلامُك وطار منامُك فرَحًا
وفتحت رائحتك مع نوّارها
لأنّها جميلة كالحبّ
جمعتْك مع وداد الوجد
في طرقات المجد
لأنّها قمر الوطن
لا تعرف الضجر
وترفعك فوق الرؤوس كالعلم
يا أبا عرب
دفنّا أغلالنا
في ساحات السجون
اندفعنا نحو الشموس
تحمل الدواءَ والحبوب
رقصنا في بيادر الحصاد
دار المكانُ على المكانِ
لفّ الزمانُ الجديد الجميل على الزمانِ
وعانق مرابع العطاءِ
انخرست صفّاراتُ الإنذار
خوفاً من المُسيّراتِ
وعادتْ صفّورية
من لبنان
مشيًا على الأقدام
عادت إلى الحصان
تتمازجُ سبلُها
مع الطرقاتِ المهاجرة
وكنت تسند رأسَك على حجر
تحمله أمّه فوق بقجةٍ حائرةٍ
كسوقٍ صغيرٍ
ممزوجًا حبيبها بالنكبة
التي أنزلته قرب آبار ناشفة
أخفتْه في صدرها
مزّقوها في ظلمة مناورة
ارتفعت إلى جبال الناصرة
وتربّعت بين صخورٍ غاضبة
وغنّت للخيول العائدة
لأنَّكَ قويٌّ كالخيل
ولأنّها جميلة كالعاشقة
لأنّها نوّارة المجد
ترفعك كمجد العلم
يا أبا عربْ
لأنَّكَ الوطن ترفعها ترفرفُ
لعزّتنا بين الرهام
وسط الضباب والمحن
وسط الضياء والنجوم
يا مروّض الغضب
يا أبا عربْ
يا سيّدَ العربْ