يلّله يا مالي
أُتعبُ نفسي ثم أتعب قلبي ومعه جسدي وكذلك خاطري وأضيف لهم وقتي وهالتي الروحية، أنا مالي ومال الأشياء تؤرقني! تلك الأشياء التي تزورني من دون دعوة كل ساعة وبدعوة مني كل يوم وأراها لا تمانع عن الإساءة إليّ وإلى خاطري كلما أتت وهي تؤرقني وتزعجني، ثم أفكر وأدعوها من جديد ولا أتردد، ثم أستاء وأستاء، ولا خلاص لي مني إلا أن أخلص إلى الفضاء خالي الشعور والإحساس، وفي الواقع لا تثريب عليّ اليوم بأن أبوح بما أعنيه رغم بعدي عن مواقع الأحداث وأماكن تلك الأشياء.
تنكمش الضلوع من هول المأساة ، ويتفطر القلب حزنا ، ويتشقق الشغاف كمدا وحسرة على هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين يقضون من همجية ووحشية الاحتلال يوما بعد يوم، وعلى الأمهات والأخوات والإخوة وعلى جميع المقاومين للظلم والاغتصاب، صور مروعة تتوالى وأحداث جسام تتفتق عن صمت عالمي إنساني رهيب، كل يوم خبر يتبع خبراً آخر مسرعا، يطغى عليه ويجعله تاريخا، وكل يوم يصطفي ويتخذ الله من الأمة شهداء، ويسرح الإنسان منا بأعماله اليومية ومشاغله الحياتية ويتجمل بالأيام والساعات عل الجديدان يأتيان بجديد، نفرح بصيد ثمين من قتلى قوات الاحتلال أو معاونيهم ونزعل ونحزن من أخبار قتلانا، وفي الوقت نفسه نرى من لا يضع فرقا بين الموتى، ولكننا مأمورون بالتفرقة فقتلانا في الجنة بإذن الله وقتلاهم في النار، ولا غرو أن نجد أبواقا لا تميز بين هذا وذاك بدعوى الإنسانية العامة وبذلك يضفون على الصراع سمة سمجة غير عادلة ومسحة دنيوية بحتة دون الرجوع إلى خالق كل شيء ومدبره. وعندما أتت فكرة مالي ومال الاشياء تؤرقني راعني الموقف وخفت من نفسي رغم تأكيداتها على الصمود ومع ذلك صعدت إلى أعلى تلة في الأرض حولي وصرخت مؤكدا صميم انتمائي للمعذبين من الشعب في فلسطين الحبيبة لا لشيء إلا أن يقولوا ربنا الله وهذا التراب ترابنا، فقلت: (يا مال الشعب ... يلله يا مالي).