

يا قارئ العينين
يا قارئَ العينينِ في جحريهما
ماذا ترى؟ فالأمرُ ليسَ بِعادي
هل لاحَ نخلٌ في انتفاضةِ رمشها
أوْ بانَ في تعبِ الفراتِ سهادي
يا قارئَ العينينِ هل في رحمِها
تتوالدُ الأشواقُ كـ الأولادِ
بغدادُ أين تكونُ هلاّ قلتَ لي
في لهفتي؟ أم تحت فيءِ رُقادي
غيثُ المآقي، كيفَ جفَّ معينُهُ
فوسادتي ظمأى كثغرِ بلادي
والقلبُ من جمرِ اغترابي مُترَعٌ
والنبضُ أصبحَ فيهِ محضُ رمادِ
حشدٌ من الشكوى تشابكَ في فمي
وتناثرتْ فيضاً بها أعدادي
سيّانِ عندي موطني ومَنيّتي
فكلاهما موتٌ بلا ميعادِ
صعبٌ هو المعنى بلا مفهومهِ
وسوادهُ يغتالُ كلَّ سوادِ
لابدَّ من صبرٍ ليَطمِرَ ضُرَّنا
أو بعضَ إيمانٍ يشدُّ عَتادي
يلتاعُ من ملحِ الكرامةِ جُرحُنا
ليعيشَ في ترفِ الهوى أسيادي
قتلٌ وتخريبٌ وسيلُ مقابرٍ
والنازلاتُ على الخَذولِ تنادي
سارتْ معي الأيامُ وهيَ سبيّةٌ
من نشأةِ الأطفالِ للأحفادِ
سارتْ معي، والحتفُ يلهثُ خلفَنا
متوشّحاً بعباءةِ الأحقادِ
معتوهةٌ، يقفُ السؤالُ أمامَها
متحيّراً متزلزلَ الأوتادِ
أين السماءُ وأين لعنةُ أهلِها
أوَ ما يضجُّ لنصرةٍ أجدادي؟
أوَ ما يحرَّكُ في الضمائرِ ساكنٌ
أوَ ما تمادى الجورُ في الإلحادِ؟
نضَرَتْ خُطى الأحلامِ رغمَ ذبولِها
وتعثّرَتْ بنبوءةِ الأعيادِ