

نعم.. أنا أكره أمريكا..!!
لم أكن يوما من محبي القاعدة والزرقاوي أو من المعجبين بطالبان أو من عشاق صدام حسين وحماس و حزب الله ولم أباه الآخرين يوما بتديني وبشكل مفتعل وغير عادي كما يحلو لكثيرين.. فقط كنت ولازلت مسلما مسالما بصمت وكفى.. إلى درجة أني لم أذبح دجاجة قط طول 56 عاما هي عمري وأكره رؤية الدم وقد أغمي علي عندما فاجأني أخي بمقطع فيديو لذبح الرهينة الكوري في العراق قبل عامين وبقيت
مريضا في الفراش أسبوعين كاملين..!!
حتى عندما ضربت أمريكا في 11 سبتمبر شعرت بالحزن الشديد على الضحايا الأبرياء ولم أشارك غيري إظهار الفرح وتوزيع الحلوى تشفيا وحقدا على قادة البيت الأبيض والبنتاجون اللذين لطالما فتكوا بأبناء شعبنا الفلسطيني وبأيد إسرائيلية متعطشة للقتل وجعلوا من أجساد أطفالنا معمل تجارب لا سلحتهم المتطورة والقذرة
كان لابد من هذه المقدمة كي أبين كيف حولني الفيلم الوثائقي "قافلة الموت " للمخرج والمنتج الاسكتلندي جامي دوران من إنسان عادي إلى قنبلة غضب هيدروجينية لانهاية لحقدها على كل صاحب قرار أمريكي ومما جعلني أتمنى على الله إن أعيش إلى وقت أرى فيه مجرمي الحرب أولئك يعانون موتا أكبر وأقسى من الموت نفسه وليس قبل إن يجروا جرا إلى محاكم العدل الإنساني لفضح ما اقترفوه
وشاركوا فيه وأخفوا معالمه من مذابح وممارسات حيوانية تمتد من فيتنام إلى أفغانستان إلى العراق إلى فلسطين إلى لبنان.
لقد سمعت كثيرا عن ممارسات جنود الاحتلال الأمريكي في كابل وبغداد وجوانتنامو وتقديمهم وجبات دسمة وغنية للمعتقلين تتضمن تشكيلة مبتكرة من الاهانات الإنسانية والجنسية والدينية والسحق الآدمي كإجبار معتقل على شرب عشر زجاجات ماء وعدم السماح له بالتبول أو ربط معتقل من عضوه الحساس وجره كالكلب واغتصابه أمام زملائه ولكني..لم اصدق عيناي وأنا اشاهد الفيلم التسجيلي إن أمريكا التى تتباهى علينا بأنها رائدة الحرية والديمقراطية في العالم قد وصل الامر بارادتها السياسية والعسكرية إلى اسوأ درك من الانحطاط الاخلاقي والانساني يعجزالمرء عن تصوره.
إن فيلم قافلة الموت ببساطة عار أخلاقي يتكشف بصمت و يطارد أمريكا إلى الأبد ولن ينفع البنتاجون التنصل منه وإنكاره وهذا الفيلم الوثائقي يصور رحلة الموت لأكثر من 3000 أسير أفغاني وعربي وباكستاني بعد مذبحة قلعة زيني في حاويات حديدية مغلقة تضم كل حاوية مابين 200-300 أسير وذلك تحت أشعة الشمس الحارقة،ولما دق الأسرى المختنقون الجدار عملا بنصيحة غسان كنفاني أطلقت النار بغزارة على الحاويات المكتظة بحجة إحداث فتحات للتهوية ولكن انهر الدم الصغيرة بدأت تسيل بغزارة وسط الصراخ المكتوم والمختلط بضحكات الجنود الأمريكيين وجنود مجرم الحرب الأفغاني الأول عبد الرشيد دوستم وكيل أمريكا المعتمد للأعمال القذرة في كابول.
لم ينته الأمر عند هذا الحد بل أفرغت الشاحنات بعد ذلك وأخذ الأقوياء من الأسرى إلى قلعة جانغي بنما كدس القتلي والجرحى والضعفاء في الحاويات من جديد وبالتتابع وانطلق القتلة إلى صحراء دشت وهناك كان الجنود ينزلون الحمولة ثم
يطلقون النار ليدشنوا أكبر مقبرة جماعية في التاريخ وتحت رعاية رجال الاستخبارات الأمريكية. وهذا ما تثبته صور الفيلم ولا تستطيع أمريكا إن تنكره .وهكذا قضى جزء كبير من أسرى ربة العدل في العالم وأسدل الستار مؤقتا على واحدة من أقذر الجرائم الإنسانية وأفظعها..!!
ولكم كان المشهد مؤلما وفظيعا بعد عام من المذبحة.. عظام فك.. أصابع قابضة..طاقية باكستانية تشير إلى ثمن الصفقة التي ابرمتها حكومة كراتشي العميلة ..سترة أفغانية لعريس شاب..فتافيت طافحة من مقبرة جماعية يعريها الريح ببطء..
انتهى الفيلم وصورة احد الناجين من مذبحة قافلة الموت تغوص في ذاكرتي وهو يقول شعرت بالاختناق..لعقت الدم بحثا عن رطوبة.. عضضت من بجواري طلبا لقطرة ماء..!!
الآن تتلاحق أمام عيني صور الضحايا الأبرياء من العبيد في جذور "اليكس هيلي " وصور الهنود الحمر تحت نعال الكاوبوي وصور فتيات "مي لي"المغتصبات والمضرجات بدم المذبحة في قرية فيتنامية وصور آخر النظرات للأسرى الأفغان قبل إن يحشروا في الطريق إلى الجنة وصور جثت العراقيين المشوهة والعراقيات المغتصبات في أبي
غريب والعامرية وصور الأطفال الفلسطينيين الذين تمزقت أوصالهم بسلاح أمريكي متطور قبل تناول العشاء وصور الأطفال اللبنانيين المعجونين بكتل الباطون والمحلقين في فضاء قانا وصريفة والشياح و... و...
حقا.. ولأول مرة اشعر بالعجز عن إيجاد الكلمات الملائمة التي تصف ما بداخلي من حقد وبغض لأمريكا المتوحشة المتغطرسة واني أقذف هذا الفيلم الحقيقي - وهو مجرد نقطة سوداء في بحر أسود تحاول زمرة بوش جاهدة إن تخفيه بالمعونات تارة وبالتهديدات تارة أخرى – أقذفه بكل الغل في وجه كل متأمرك على شعبه ووطنه ويحاول إن يجمل وجه الآنسة رايس القبيح لربما تنافس نانسي عجرم جمالا ودلالا
وأقول سحقا لكل من يبيع شرفه وقلمه مقابل حفنة دولارات..
لقد استطاع المحافظون الجدد وبنجاح منقطع النظير إن يطوروا من بينهم ومن حولهم بأفعالهم غير المسئولة والهمجية التي تغذي ثقافة الكراهية مليار قنبلة موقوتة ومحشوة بالحقد و تنتظر لحظة الانفجار وإذا كان عم شعبان يكره إسرائيل قيراط فأنا وبكل فخر أعلن وأصرخ أني أكره أمريكا ملء الكون..!!
أشعر الآن بصدي صرختي يرددها مليار مسلم ومليارات أخرى من المظلومين والمقهورين في العالم.