

مؤتمر الأدب الفلسطيني الثاني في جامعة بيت لحم
عقد في جامعة بيت لحم يومي 14-15 حزيران 2007 المؤتمر الثاني للأدب الفلسطيني ، تحت عنوان "الأدب الفلسطيني في الشتات " ، وذلك بمشاركة عدد كبير من الباحثين والضيوف .
افتتح المؤتمر د . معين هلون رئيس دائرة اللغة العربية في الجامعة ورئيس المؤتمر ، فقد رحب بالحاضرين ، وأثنى على الجهود المباركة التي أخرجت هذا المشروع إلى حيز التنفيذ ، فقد كان مؤتمر العام الماضي حول "الأدب الفلسطيني في الجليل والمثلث " ، وها نحن اليوم نتركز على أدباء المنفى والشتات ، وأعلن أن المؤتمر القادم في حزيران 2008 سيكون تحت محور " الأدب النِّـسْوي الفلسطيني " .
ثم تحدث الأخ نيل كييف نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية ، فرحب بالشاعرة الناقدة سلمى الخضراء الجيوسي ، وذهب إلى أن رئيس الجامعة الأخ دانيال كيسي يولي المؤتمر أهمية قصوى ، وأنه سيتواصل عامًا بعد عام وفي محاور مختلفة حول الأدب الفلسطيني ، كما شكر مؤسسة عبد المحسن القطان التي تدعم هذا المشروع السنوي المميز .
ثم تم تكريم د .سلمى الخضراء الجيوسي ، فقرئت نبذة عن عطائها المتواصل . ثم ألقت الشاعرة كلمة مؤثرة مبينة ارتباطها العميق ومتابعاتها ونشاطاتها في دعم القضية إنسانيًا وأدبيًا وترجمات من خلال مشروع بروتا الذي تقوم على رئاسته .
كما تم تكريم الباحث سليمان أبو ستة الذي اعتذر عن عدم تمكنه من الحضور .
وقرأ الكاتب سلمان ناطور نصوصًا مصاحبة للعزف أداه نزار روحانا ، وهي حالات وحكايات وتداعيات متفرقة، لا بطل فيها إلا الذاكرة نفسها التي تحول كاتبا غاضباً إلى حكواتي يسرد القصص ليؤديها في أشد حالات انفعالها.
ويختم بالقول : " ستأكلنا الضباع ان بقينا بلا ذاكرة... ستأكلنا الضباع "
الجلسة الأولى أدارها د . أحمد حرب
وقد تحدث فيها كل من د .عادل الأسطة و د . عبد الخالق عيسى عن "لغة الشعر في ديوان عز الدين المناصرة "لا أثق بطائر الوقواق"".حيث بينا أن قارئ قصائد الديوان يلحظ العديد من المفردات التي تكاد تكون عامية لقربها من اللغة الدارجة. تتبع الورقة لغة عز الدين المناصرة، ودراستها وملاحظة أصول العديد من المفردات التي تبدو عامية ، وذلك بالاستعانة بالمعاجم ، وموازنة مع محاولات سابقة جرت لدى شعراء آخرين .
أما د . فاروق مواسي فقد تناول "تجليات الكنعانية ومفهومها لدى المناصرة" ، وبين أن الشاعر عز الدين المناصرة كان في طليعة من نادوا بالعودة إلى الجذور الكنعانية على المستوى الشعري ، فهذا النفس الكنعاني انعكس في تسمياته للدواوين : كنعانياذا ، رعويات كنعانية ، يتوهج كنعان...، وما أكثر أسماء القصائد التي تظهر فيها كلمة ( كنعان ) أو مما هي في حيزها ، فكان كما يرى النقاد : هو " مؤسس القصيدة ( الرعوية الكنعانية ) ....وأنه ( صانع أساطير ) و ( مبدع الميثولوجيا الشعرية العربية المعاصرة ) - بعد أن حول ( جفرا ) من حكاية فلسطينية متداولة إلى أسطورة كنعانية معاصرة " .

وتتردد ألفاظ الكنعانية وإيحاءاتها بصورة مستمرة . فالشاعر وهو يحس بأعماقه فلسطينيته وقضيته لجأ إلى التاريخ ليسائله وليحاوره ، وبالتالي ليكون شغله الشاغل ، ومن الطبيعي أن تكون العودة ولملمة أجزاء الصور الغابرة - قد وردت للتركيز على صورة جديدة واردة من العمق التاريخي ، وذلك لتستفتي الفضاء الحالي. فالشاعر الذي تعرض إلى محاولات الإلغاء المستمرة يجد نفسه أمام التراث والتاريخ ، ثم تحدث مواسي عن الرموز الكثيرة ودلالاتها في شعره .
أما د . حسام التميمي فقد كانت دراسته عن "المنفى في شعر المناصرة" وذلك ضمن المحاور : حميمية العلاقة بين الشاعر والوطن ، الغربة والحنين في شعر المناصرة ، رؤية المناصرة للمنفى وهاجس العودة في شعرالمناصرة. بينما كانت دراسة د . عادل عمشة عن " غربة الراعي لإحسان عباس" ، فتوقف على علاقة الواقع بالنص ومدى القص والحكاية الممتدة والحكي في السيرة .
الجلسة الثانية : إدارة أ . د دياب عيوش :
تناول الأستاذ سمير الحاج صورة القدس من خلال رواية عيسى بُلاطة "عائد إلى القدس" ، حيث ذكر أن
هذه الرواية الصادرة عام 1998 تتناول نكبة 1948 ، وفيها تقانة وجهات النظر،حيث كانت الأصوات المتعددة(الأسلوب البوليفوني)،تكشف عن تفاوت المواقف بين الساردين. بأسلوب فني حديث ،غلبت عليه الارتجاعات، ،فوداد هنداوي في السادسة من عمرها،تعيش مع أهلها، في القطمون،وعلى وقع الانفجارات،تركوا القطمون، وانتقلوا للعيش في بيتهم العتيق،في البلدة القديمة.
تتراكض في الرواية صور التشريد والموت والهدم،إضافة إلى الماضي الجميل المحفور في ذاكرة وداد.
وتحكي الرواية الضياع والتمزق النفسي لدى أبناء القدس ،في المهجر،والذين عاشوا حربين،فرغم نجاحهم الاقتصادي والعلمي، هم مسكونون بهاجس العودة إلى القدس.
أما د . عدوان عدوان فقد تناولت دراسته سيرة إدوارد سعيد "خارج المكان"، فوجد فيه المنتمي من خلال حيث يجد :
أ. توضيح المكان الذي يقف فيه سعيد وسط تشابكات حادة وألغام ثقافية ووجودية غير مرئية.
ب. إنارة الطريق حول انتماء سعيد لفكرة الوطن، فالوطن فكرة مخيالية تتنامى وتتسامى كلما تعرض الإنسان لاحتياجات الآخر الوجودية والثقافية ولا يشترط أن يكون واقعاً فعلياً معيشاً.
ج. جدلية الأنا والآخر وانتماءات كل منهما.
تناولت دراسة إحسان الديك "دلالات خضراء في شعر وليد سيف" ، فرأى أن القصد من الأسطرة أن يتمثل مبدع النص روح الأسطورة ومنهجها، دون أن يوظف الأساطير، أو يحتمي بها، أو يتكئ عليها، فيعمد إلى خلق أسطورته الخاصة به التي يستمد أصولها من واقعه المعيش، ثم ينزع مألوفيتها لتكتسب مرتبة طقسية لها ملامحها الغرائبية والعجائبية.
أدرك وليد سيف أن تجاوز الواقع الفلسطيني الغريب العجيب لن يكون بالبكاء عليه، وإنما بالتغلغل فيه، والتقاط أحداثه الخارقة، وخلق القصيدة التجربة التي تجدل العلاقة بين الإنسان والأرض وتعبير عن هول المأساة وعنف الصراع، فسخر طاقاته الدرامية في أسطرة هذه الواقع ووضع شعره على تخوم الأسطورة التي هي في أصلها تركيبة درامية في حضنها نشأت الدراما الأولى، واستلهم – وهو ابن الذاكرة الشعبية - أشكالاً متعددة من الموروث الشعبي الذي تتجسد فيه النماذج العليا والأحلام الجماعية، وتحرك في الإطار الحسي الذي تدور فيه الأساطير، وبلور فكره في شعور حسي، واحتفى بالطبيعة البكر ومشهدها الرعوي، واتخذ من عالم الطفولة وسيلة لتحقيق أحلامه البدئية في حضن أمة الأرض ، فتتحول خضرة إلى دال أسطوري قادر على الترميز والتحول والتدليل، فتتماهى مع الطبيعة وتحمل صفاتها الإخصابية، وكأنها سر خميرتها، وإكسير الحياة فيها، فهي تحل في كل شيء، وتندغم مع عناصر الوجود، وتتلفع بالكون، تحضر أمام المخبز في صورة حواء، وتظهر في عطائها في هيئة عشتار، وتتوحد مع (جبينه)، وتأتي رمزاً للثورة الفلسطينية، ويتحول اسمها في شعره إلى ترنيمة ابتهالية أو تعويذة سحرية يلوذُ بها الشاعر، ويتلوها ويطلقها في الآفاق لترددها من بعده الكائنات.
أما موضوع "البيت في الشعر الفلسطيني في الشتات" فقد تناوله د . ياسر أبو عليان لأنه يصور التوق الفلسطيني للمشردين للعودة إلى البيت، وليس إلى أي مكان آخر يديل قد يلوح في صورة وطن بديل، أو في داخل مناطق الحكم الذاتي في فلسطين. وتبدو صورة المشرد في أسوأ حال، بعيداً عن بيت آبائه وأجداده.
ويتجلى في هذا الشعر حلم دائم بالعودة إليه حتى إن بعضهم احتفظ بمفتاح بيته، وبعضهم الآخر دفع حياته ثمناً لعودته إليه متسلك. وبقي هاجس العودة إلى البيت الذي طرد منه الفلسطيني، مشروعاً في القوانين الدولية ، وحاول الدارس أن يتركز على شعر يوسف الخطيب نموذجاً لدراسته، ففيه تطلع للعودة إليه في أمل لا يخبوا أبداً.
اليوم الثاني : الجلسة الأولى
إدارة الشاعرة د . سلمى الخضراء الجيوسي
بعد تقديم جميل و برؤى شعرية رائقة قدمتها الشاعرة تحدث د . قسطندي الشوملي عن " الأبعاد الفكرية للأدب الفلسطيني في المهجر قبل النكبة " ، حيث ذكر أنه قد هاجرت جماعات من الفلسطينيين في مطلع القرن العشرين إلى أوروبا والعالم الجديد وأقامت في والولايات المتحدة، ودول أمريكا الوسطى والجنوبية. وكان بين هؤلاء المهاجرين عدد من المفكرين والأدباء، نقلوا اللغة العربية والأدب العربي إلى تلك المهاجر البعيدة، وأنشئوا في تلك الديار النائية أدباً يعبرون به عن مشاعرهم وعواطفهم ويتحدثون فيه عن غربتهم وحنينهم إلى أوطانهم، ويصفون فيه البلاد التي أقاموا فيها ومظاهر الحضارة السائدة في حياة الناس هناك، كما يصفون فيه هجراتهم وحياتهم وما تعرضوا له من عناء وشقاء وتجارب مريرة مثيرة. وتهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن الأبعاد الفكرية لأدب المهجر من خلال كتابات عدد من كتاب وأدباء فلسطين الذين هاجروا خلال النصف الأول من القرن العشرين، لأن فهم هذه الأبعاد يساعدنا في فهم حياة الأدب الفلسطيني وتطوره.

يمكن تصنيف الفلسطينيين في المهجر إلى ثلاث فئات: فئة تمثل الانصهار والتأقلم الثقافي في بلد الهجرة، وفئة تمثل التعددية الثقافية في بلد الهجرة، وفئة تمثل الشتات والذي ينتج عن تبعثر شعب ما خرج حدود بلاده ويكون لهم قبول قانوني في المجتمع المستقبل، ولكنه يبقى مرتبطا بواسطة جمعيات أدبية واجتماعية واقتصادية بمكان جغرافي حقيقي أو أسطوري. ومع أهمية هذا التصنيف الثلاثي، لا بد في نفس الوقت أن ننظر إلى هذه التكوينات الهوياتية على أنها في صيرورة متغيرة ومتقلبة لدى الأدباء والكتاب، ولا يمكن اختزالها بمنظور محدد ثابت.
ثم تحدث أ . د عادل الأسطة في دراسته عن التسول متركزًا على صورة الشحاذ اليهودي والشحاذ الفلسطيني.
فهو يقارب صورة الشحاذ الفلسطيني في رواية المنفى، على ضوء صورة الشحاذ اليهودي التي برزت له في رواية (ثيودور هرتسل) "أرض قديمة جديدة" التي صدرت في بدايات القرن العشرين ، وكذلك صورة الشحاذ اليهودي في قصة نجاتي صدقي "شمعون بوزاجلو " ، وكذلك من خلال رواية أخرى تتناول هذا الجانب، حيث أن الشحاذ الفلسطيني يمارس هذه المهنة، بناء على طلب صديق يهودي له، كان يعمل معه، قبل العام 1948 في مدينة حيفا.
أما ورقة أ. د يحيى جبر وطالبته عبير حمد فقد تناولت " روح المقاومة الفلسطينية تتناسخ في الأدب بالإسبانية والبرتغالية " ، فأظهرا أن العلاقات العربية الإسبانية، كانت وما تزال، تعكس تناغما بين الشعبين في كثير من مناحي الحياة، ولا شك في أن ذلك يعود بجذوره إلى الحقبة التي أقامها العرب في شبه جزيرة إيبرية، بغض النظر عن الطريقة التي أخرج بها العرب من هناك، لأن التفاعل الحضاري بين الأمم يتجاوز الأحداث مهما كانت دامية.
ومن إسبانيا انتقلت "العدوى" إلى أمريكا اللاتينية، بما أصبحت تمثّله من امتداد لإسبانيا؛ لغويا وحضاريا ونفوذا.
إن روح المثاقفة التي يشهدها الأدبان العربي الفلسطيني والهسباني في العصر الحديث تمثل تواصلا حضاريا لما توالى عبر القرون من علاقات متبادلة بين الشعبين العربي والإسباني وامتداتهما في أمريكا اللاتينية .
استعرض الباحثان نماذج من الأعمال الأدبية الفلسطينية التي ترجمت للإسبانية، سواء أكان ذلك في إسبانيا، أم في الدول الناطقة بالإسبانية من دول أمريكا اللاتينية؛ حيث وجد بعض أدباء الإسبانية في مقاومة الشعب الفلسطيني والأدب الذي واكبها _ مصدر إلهام وموضوعا خصبا لأعمالهم الأدبية، على نحو ما يظهر في أعمال الشاعر الإسباني خابير بيّان.
ويبدو أن انتشار الفلسطينيين في أمريكا اللاتينية، وتنامي المد الثوري الفلسطيني في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، والمعاناة التي عاشتها شعوب القارة اللاتينية، كل ذلك أدى إلى كثير من التماهي والتفاعل الشعوري بين شعوب تلك القارة والقضية الفلسطينية، لذلك نجد أدباءهم يتحدثون عن القضية الفلسطينية وكأنها قضيتهم.
ثم تحدث د . نادر قاسم عن القصائد غير المنشورة لوليد سيف: دراسة تحليلية ، حيث تعالج هذه الدراسة قصيدتين لهما قيمة فنية كبيرة هما : مطوّلة البحث عن عبدالله البري ، و مطوّلة الحب ثانية. وتحدث الباحث عن النص الغائب والقناع والمعادل الموضوعي لخراب النفس الإنسانية المعاصرة، وعن إضاءة لحظة التنوير وطرح الثنائية الضدية في الفن والموضوع .
الجلسة الثانية بإدارة د . نمر أبو زهرة :
تحدث د . محمد فرحات عن " "المنفى في الخطاب القصصي والروائي لغسان كنفاني" ، كما تحدث القاص جمال بنورة عن "رحلة الشتات في أدب كنفاني" ، حيث توقف الأخير على "رجال في الشمس" التي تصور محاولة ثلاثة فلسطينيين للوصول إلى الكويت تهريباً عبر الصحراء.. بحثاً عن الخلاص. هذه الرحلة البائسة التي تؤدي إلى موت الفلسطينيين الثلاثة اختناقاً داخل الخزان. ويطلق غسان صرخة احتجاج مدوّية على الصمت الفلسطيني:" لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟؟ "
هذه الصرخة تتحول الى تمرد في رواية " ما تبقى لكم " التي تمثل بداية التحرك الفلسطيني باتجاه الأرض.. حيث يحاول بطل الرواية حامد الانتقال من غزة إلى الضفة الغربية قاطعاً الصحراء، في محاولة جريئة لربط أجزاء الوطن الممزقة.. ولكن هل يصل؟ هل يحقق هدفه؟.. هذا ما تحاول الرواية الإجابة عليه.
ينتقل غسان في مواقفه بعد ذلك إلى مرحلة الثورة في روايته "أم سعد " حيث تصور الرواية مشاعر الأم الفلسطينية التي تقدم أبناءها من أجل القضية فترسلهم الى الخيمة الأخرى ( خيمة المقاومة ) بينما تعيش هي في خيمة الذل والفقر التي تتمنى أن تتركها لتتحول هي الأخرى – لو تستطيع- إلى الخيمة الأخرى ، كملا يتوقف على رواية " عائد إلى حيفا " .
ثم تحدثت أ . سناء تايه عن "عصرنة التراث في شعر معين بسيسو" ، فذكرت أن الشاعر لم يقصر الحديث في إبداعه على هموم الواقع وتحديات العصر وتوظيفها في عملية إبداعه، وإنما تجاوز فعاد إلى الوراء يفتش في مخزونه الثقافي التراثي عما يعكس هذا الواقع ويجلّيه ويبرزه، ومعين بسيسو من أولئك الشعراء الذين اتكأوا على مخزونهم الثقافي، ووظف بعض هذا المخزون في كثير من نصوصه الشعرية، بهدف استنطاق الماضي بما يهم الحاضر وكان له في التاريخ عبرة، ثم يحاول أن يحدث جدلا بين الماضي والحاضر عن طريق تحميل الشخصيات والأحداث حمولات معاصرة تكشف عن عمق تجربته الشعرية وتبين قدرته على صهر ذاك الموروث وإلقائه في أتون الواقع لاستشراف المستقبل وتحقيق النبوءة التي يحلم بها الشاعر.
وتحدث د . جورج أبو حنك عن "الاغتراب في شعر محمد الحنيني" – وهو صديق الباحث الذي يعيش في الخارج .
كما تحدث د .زين العابدين العواودة عن " بنية الخطاب الروائيَّ في سرديات إبراهيم نصر الله "أعراس آمنة" و "تحت شمس الضحى" نموذجيين ، فتناولت تميّز تجربته الإبداعية فيهما؛وخاصة في بناء خطابيهما الروائيين ، يتجلى ذلك في توظيفه تقنيات السرد المختلفة في إطار رؤية إبداعية تنم عن وعي عميق بغائية الوظيفة التي يضطلع بها نصه الروائي . وقد عبّر عن فكره الأدبي المسكون بهاجس الحرية لوطنه السليب، وهاجس الخلاص لإنسانه المعذّب. وهو روائي ملتزم تَمثَّل تجربة الإنسان الفلسطيني في المنفى وداخل وطنه(المأساة الفلسطينية)،فعبّر عنها بكل تجلياتها؛ التشرّد،اللجوء،الفداء،النضال،المقاومة،البطولة،الشهادة...إلخ. وقد جاء تعبيره عنها بحرفيّة ، وكأنه يعيشها بتفاصيلها على أرض الواقع دون مواربة أو خداع . فهي لذلك أقرب ما تكون في سياقها العام إلى روح المذكرات؛مذكرات الإنسان الفلسطيني العائش في العذاب_ بتمظهراته_ الناهض من الرماد في آن معًا حتى يحقق حلمه المنشود.
وتمثّل طريقته في توظيف تقنيات السرد في نتاجاته كلها خاصيّة إبداعيّة بارزة؛لاسيّما في بنائه لغة السرد إذ يستند إلى تنويع ضمائر الخطاب،وتوظيف أسلوب الحكاية الشعبية،والسخرية،وفي واقعيته وأسطرته للواقع، وفي توظيفه التشخيص،والاسترجاع،والتذكر، والتداعي، وتيار الوعي ، وفي استعانته ببعض تقنيات المسرح والسينما.
أما د . ياسين كتاني فقد قدم دراسة في رواية "أعراس آمنة" لإبراهيم نصر الله، وذلك في موضوع " قهر سطوة الموت عبر فعل الكتابة" ، فتوقف على طريقة التشكيل الفني ونظام توزيع المادّة الروائيّة، فتكسر الخطيّة والتتابع وتهدم السببيّة بين السابق واللاحق المجاور له، من خلال الفجوات الكثيرة، وتكسّر الزمن والانتقال غير الممهّد من الواقعة الراهنة إلى الذكريات والأحلام والمونولوجات الطويلة، ومن خلال الانتقال من الراوية الأولى (رندة) إلى الثانية (آمنة)
كلّ كلمة في النصّ تبقى مفتوحة حتى خطّ النهاية ، عندها فقط تنسّب العبارات لمكانها الصحيح، ويُعاد تنظيم الأحداث والمشاهد، وبالتالي تتضّح أسئلة النصّ ومراميه بعد حسم صراع الإمكانيات في عمليّة التأويل.
ولكنّ الرواية في رأيه تريد أن تقول– بالإضافة إلى ما تقدّم – شيئاً آخر عبر طريقة ونظام توزيع المادّة الروائيّة، وهو نظام مبني على الاسترجاع والتشتيت وذرّ العناصر، هذه الذريّة وهذا التشظّي يتساوقان مع تقطّع الأوصال وتناثر الأشلاء بفعل آلة الموت التي لا تكاد تستكنّ،ما تفعله الكتابة في أنّها تستنقذهم من الفقدان والعدم في تجميعهم وإعادتهم الى الحياة وتخليدهم صوراً، أصوات، ملامح وذكرى، فتغدو الكتابة فعل حياة مفارقاً للموت وهي الثنائيّة الأساسيّة في هذه الرواية.
فالتقنيات التي تعتمدها الرواية: ذرّ العناصر، الاسترجاع والاستباق، تناوب السرد بين راويتين، تنسجم مع طروحات الرواية في قهر سطوة الموت وتخطّي الكارثة عبر الكتابة التي تلمّ شعث ما تفرّق وتناثر.
ثم تحدث د . نادي ساري الديك عن " قراءة تحليلية في شعر خالد علي مصطفى" "روح عالقة بين مدينتين" ، فتحدث عن خصوصية الأداء والتفاعل، بلغة صافية فاعلة مكثفة صادقة في مدلولاتها وكيف تم له تصاعد بناء في بناء قصيدته ، و كيف خلق حالة المواءمة بين المبنى والمعنى.
وقدم د مؤمن البدارين " دراسة دلالية لشعر عبد الكريم الكرمي " ، فعنى ببيان السمات الأسلوبية في لغة الشاعر من خلال ديوانه "من فلسطين ريشتي" ، وذلك في بيان الجوانب اللغوية في بنية الجملة الشعرية عنده للتعرف على خصائص الجملة الكرمية التي بوّأت صاحبها مكانة مرموقة بين الأدباء العرب عموماً وأدباء فلسطين خصوصاً .