

لو كنت أصغر
ماكنت أصنعُ يا تُرى لو كنتُ أصغر؟لو كان قلبي لا يزال يمورُ بالتذكارِوالأشعارُ تقطرُ رقةً وتذوبُ سُكَرلو أن قافيتي التي هَرِمَتتعود لها نضارتهافتشرقُ مَبسمًا وتشعُ جوهرما كنتُ يا سمراءُ ساعتهاضللتُ الدربَ أو حُلمي تبعثرسمراءُ يا سحرَ الوجودِوبسمة الثغر المُعطَّرووجيبَ هذا القلب، خًفقَتهُإذا يومًا توجعَ أو تذكَّرسمراءُ لو وافيتني والعمرُ أبكرلنثرتُ حقلكِ لؤلؤًاوبذرتهُ مسكًا وعنبروجعلتهُ كرمًا على دربٍ *وقِبلةَ عاشقينَ وصحنَ مرمرلو كنتُ يا سمراءُ أصغرلو دارت الأيام دورتهاأعادتني لرأس النبعِللدربِ الطويلِلخطوتي الأولىولَوْ خطوي تَعَثَرلكسرتُ ريشتيَ التي صَبَغَتْ تلاوينيوأشعاري التي غنيتُها دهرًالكنتُ حبستها في قُمقمٍما احتجتُ قرطاسًا ودفترلذَريتُها في الريحِواستبدلتها قيثارةًبفمِ الزمانِ إذا تباهى أو تبخترقيثارةً أزليةً تنسابُ بالشَجِنِ المُقَطَّرلو كنت أصغرلو كنت أدري أن هذا العمر أيامٌ وساعاتٌ وأقصرلضننتُ باللحظاتِ أنفقهالأَبلُغَ مادِرًا أو صرتُ أقتَر**لو أن هذا الشيب أبطأ أو توانى أو تأخرلأتيتُ من لهفٍ إليكِأغُذُّ سيريَ، أنهبُ الفلواتِأطوي عَرْضَها والسَّمْتُ أغبرلو كنتُ يا سمراءُ أصغرلبذرتُ أيامي على الطرقاتِثم قعدتُ منتظرًا لأحصد موسمًايأتي به حقلٌ وبيدرلكنهُ الوهمُ الذي منَّى، تدَلّى، ثم أدبرلا الموسمُ المنشودُ هلَّولا الجنى المأمولُ أثمرأغفى على زَبَدِ الوعودِفما تقدمَ أو تأخرلو كنتُ يا سمراءُ أصغركنتُ استمعتُ لناصحٍوعذرتُ لومةَ لائمٍوعَذَلتُ هذا القلبعن هَوَسٍ أطار بِلُبهِورماهُ مشجوجًا مُعَفَّركنتُ استرقتُ خُطايَما نَهَشَتْ سراديبُ المتاهةِ وقعَ أقداميوكنتُ رجعتُ أدراجي على مهليوكان الدربُ أخضرولكنت ساعتها أفقتُوقلتُ ما قال الحكيمُ وقد تدبَّرَ أو تَفَكَّر:" لا البعثُ بعثي، لا ولا الجندُ الذين تنكبوا،قلبوا لنا ظهر المِجَنِّ، أَعُدُّهُمْ في الناس عسكر.
*( كرم عل درب ) عنوان كتاب للأديب ميخائيل نعيمة.
** مادر: رجل يضرب به المثل في البخل.
*** ( لا هذا البعث بعثي ولا هذا العسكر عسكري ) عبارة تنسب لميشيل عفلق وقد قالها عندما تمرد عليه ضباط البعث وعزلوه وأبعدوه عن سوريا في انقلاب عام 1966.