

لمن هذه الدموع...؟
خطوات على الطريق.. على وقعها: ذكريات.. وكلمات...
هذه الخشبة التي احتقرتها يوماً؛ لأنها لا تساوي قدمي المبتورة تحت عجلات سيارة رعناء.. ها هي ذا تحملني، وتحي خطواتي التي اندثرت!
هذا العكاز، الذي أتوكأ عليه الآن، هي ذاتها العصا الشريرة، التي استخدمتها في لحظة لم أر فيها: ماذا أفعل؟!..؛ فشوّهت جسد صاحب، وأفسدت جمال صداقة!
فجأة.. دوى صوت زاعق، أحدثه كابح سيارة مارقة، مع صوتي الحاد: يا أعمى...!
عندما أفقت من الصدمة، ندمت على تفوهي بهذه الكلمة القاسية، التي انزلقت من على طرف لساني مدفوعة بغضبي اللعين، بينما كنت أسقط في شراك خياله.
حملته معي في سيارتي؛ لأكمل معه مشواره. وبقسوة الكلمة: تعارفنا، وتصادقنا، وترابطنا معاً...!
كم بكيت بكاءاً مراً.. عني، وعنه، وعن كل آخر..؛ فكلنا: لا نرى.. عندما نسبح في ضباب الذكريات، وعندما نغوص في عتمة البغض، وعندما نؤمن بأننا اسمى من الآخرين... ولكن هذه المرة؛ لأنني أراه محمولاً على الأعناق في رحلته الأخيرة إلى العالم الآخر!...