شريك الحياة: والاختيار الصعب
لا شك أن موضوع البحث عن شريك الحياة بات موضوعاً معقداً للغاية، ولا نستطيع أن نعزو سبب ذلك إلا للتحصيل العلمي الذي حصله الشاب أو الفتاة، إذ أن الكثير من الشباب الذين يعانون من صعوبة الاختيار بالنسبة لشريك العمر هؤلاء الذين درسوا في الجامعات أولاً ومن ثم الاتجاه إلى تأسيس مؤسسة الزواج، وتأخذ هذه المسألة أبعاداً خطيرة نوعاً ما إذ بعد التحصيل العلمي هناك مشكلة البحث عن عمل إذاً: الدراسة في الجامعة تجعل الشاب يلتقي بالكثير من الفتيات، والفتاة ذات الشيء يجعلها هذا الأمر تلتقي بالعديد من الشباب ومن ثم شباب وفتيات العمل، إذاً أصبحت المسألة معقدة: من ستكون صاحبة النصيب لهذا الشاب، ومن سيشارك هذه الفتاة أو تلك حياتها؟ وتنشأ الصراعات الداخلية حتى ترى الفتاة نفسها قد وصلت إلى مرحلة من العمر تجلس وتضع يدها على خدها تنتظر (أي عريس) أما الشاب فالمسألة تختلف عنده إذ أنه يستطيع الارتباط في أي وقت من حياته بفتاة قد تكون قد حصلت شهادات علمية أعلى منه بكثير، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً فهاهي السيدة ماجدة-على سبيل المثال- تخرجت أدب عربي ووصلت إلى مرحلة من العمر خولتها أن تقبل بشاب لم يُحصّل حتى الشهادة التي تسمى اليوم(شهادة التعليم الأساسي) وعندما سألناها لماذا رضيت بهكذا زواج أجابت أنها تخوفت من وصولها إلى المرحلة التي تسمى فيها (عانس) لهذا رضيت بهذا الشاب رغم أنها تعاني الكثير من صعوبة الحوار معه وتجدر لإشارة إلى أن السيدة ماجدة تعمل مدرّسة للغة العربية في إحدى ثانويات ريف دمشق.
إن المثال الذي أوردناه مثله الكثير إذ ثمة محامية اقترنت برجل يعمل شرطي مرور وليس بجعبته العلمية سوى شهادة التعليم الابتدائي وحسب والمفارقة المؤلمة أن هذا الرجل تزوج من امرأة أخرى تقابله بالمكانة الفكرية ولا نجازف إذا قلنا أنها تقاربه بالتخلف، رغم أننا يجب أن ننعت هذه الصفة للمحامية، وعذراً هنا لا نريد الانتقاص من مكانة أي أحد فالناس كلهم خير وبركة، لكن للناس مقامات –كما يقال- فأي منطق يقول أن محامية أو مدرّسة تقترن برجل غير متعلم وإن صح التعبير (غير مثقف).
والأخطر من ذلك الطبيب الذي يقترن بفتاة لم تصل بعد إلى سن ألـ (ثمانية عشرة) لأنها صغيرة وجميلة، ألم يتساءل هذا الطبيب كيف سيحاور هذه الزوجة، أو كيف سيقدمها لزملائه الأطباء أو أصدقائه الذين يوازوه في درجة تحصيله العلمي، والمفارقة الأكثر إيلاماً أن زملاء هذا الطبيب يكونون قد فعلوا ذات الشيء... فانظروا إلى ما وصل إليه تفكير شباب اليوم...!!! الذي يمكن أن نسميهم مثقفي الجيل.
وفيما يتعلق بمسألة الحب لا بد أن نقف عاتبين على أنفسنا لأننا تركنا هذه المشاعر الإنسانية والرومانسية تغادرنا دون رجعة، وعن أي حب بات يتحدث الشاب أو الفتاة في هذه الأيام؟؟؟ ونحن لم نعد نعيش في ذلك الزمن الذي كانت تنتظر فيه الفتاة الحبيب على النافذة بذلك الشوق الذي يكوي الضلوع، ولم يعد الشاب ينتظر على زاوية الشارع أو بمعنى أصح على زاوية (الحارة العتيقة) ينتظر أن تطل فتاة قلبه ليراها فقط وليس شيئاً آخر.
الآن ثمة سرعة حتى في العلاقات العاطفية التي باتت مثلها مثل أي شكل آخر من أشكال الحياة التي انقلبت رأساً على عقب، وبات الأمر فيما يتعلق بهذا الخصوص أخطر ما نتصور...!!!!