سَبُو ...مُمَزَّقٌ قَمِيصُهُ
مَا بَيْنَ فَاسَ وَالْقُنَيْطِرَهْ
...........
رَأَيْتُهُ فِي سَاحَةِ ٱفْلُورَنْسَا
شَابًّا لِعَيْنَيْهِ ٱسْتَعَارَ زُرْقَةَ السَّمَاءْ
وَرَشَّ بِلَّورَ الشَّذَا عَلَى
شُجَيْرَاتِ مُحَيَّاهُ الصَّبُوحْ
سَبُو..هُوَ الآنَ قَتِيلُ الأَعْيُنِ النُّجْلِ
لِفَاسَ كُلُّ هَذِهِ العُيُونِ ٱلفَاتِنَاتِ ٱلقَاتِلاَتِ ٱلْمُحْيِيَاتْ
طُوبَى لَهَا فَسَيِّدُ الأَنْهَارِ قَدْ ذَاعَ لَهُ سِرُّ
لَكِنَّهَا مَعْشُوقَةٌ تُغْلِقُ بَوَّابَةَ عَيْنَيْهَا الكَبِيَرتَيْنِ
دُونَ عاشِقِيهَا وَهُمُوكُثْرُ
****
سَبُو...مُتَيَّمٌ فُؤَادُهُ أَعْطَى الْهَوَى مَا سَأَلاَ
حَكَّمَهُ لَوْ عَدَلاَ
لَكِنَّهُ بِعِشْقِهِ يَزْهُو عَلَى الأَنْهَارِ وَالأَطْيَارِ
هَلْ يَعْلَمُ أَنَّ مِنْ بِحَارِ العِشْقِ بَحْراً قَتَلاَ
****
مَنْ ذَا الَّذِي أَخْرَجَ هَذَا العَاشِقَ الْمَقْتُولَ مِنْ وَاحَةِ فَاسٍ وَرَمَاهُ جَسَداً مُمَزَّقاً بِغَابَةِ القُنَيْطِرَهْ
مَا عَادَ شَابًّا يَفْتِنُ الشَّوَارِعَ الْمُورِقَةَ الأَشْجَارِ مَا عَادَتْ سَمَاءُ الصَّيْفِ تُعْطِي وَجْهَهُ زُرْقََتَهَا السَّاحِرَهْ
سَبُو..هُوَ الآنَ مِنَ الصَّلْصَالِ يَسْتَعِيرُ أَلْوَاناً لِدَمْعِهِ وَمِنْ جُوعِ التُّرَابِ يَسْتَعِيرُ قَطْرَةً مِنْ دَمِهِ الْهَارِبِ أَيْنَ يَا سَبُو زينَتُكَ الْمُعَطَّرَهْ
أَحُبُّ زَهْرَةِ القُرَى أَضْنَاكَ أَمْ أَضْنَتْكَ أَمْوَاجُ ﭐلْمُــحِيطِ أَمْ تَكَسُّرُ الزُّهُورِ عِنْدَ أَقْدَامِ الْمُحِيطِ فِي حِمَى خَلْوَتِهَا الْمُخْضَرَّهْ
أَيَّتُهَا الزُّهُورُ يَا عَاشِقَةَ الْمُحِيطِ
قَتَّالٌ أَرِيجُكِ الْجَمِيلْ
مُخِيفَةٌ صَلاَتُكِ الْمُشْتَعِلَهْ
فَزَيِّنِي بِنَارِهَا شَوَارِعَ القُنَيْطِرَهْ
عَلَّ سَبُو يَسْتَرْجِعُ الصَّفَاءَ قَطْرَةً فَقَطْرَهْ
****
يَا رَاحِلاً عَبْرَ الْمُحِيطْ
إِذَا مَرَرْتَ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِجِيرَةِ الْمُحِيطْ
فَٱقْرِ الأَحِبَّةَ السَّلاَمَ قُلْ لَهُمْ:
إِنَّا ذَكَرْنَاهُمْ هُنَا وَذِكْرُهُمْ سُقْمُ
ثُمَّ بَكَيْنَا هَلْ تُرَى لِمَنْ بَكَى حِلْمُ
يَزُورُنَا خَيَالُهُمْ إِمَّا غَفَوْنَا أَوْ صَحَوْنَا
ثُمَّ يُذْكِي فِي قُلُوبِنَا خَمَائِلَ الرَّمَادِ
لَيْتَهُ مَا زَارَنَا
وَلاَ بَدَا مِنْهُ لَنَا رَسْمُ
****
يَا رَاحِلاً سَلِّمْ عَلَيْهمْ وَاحِداً فَوَاحِدَا
سَلِّمْ عَلَى الَّذِينَ بَاتُوا بِالْمُحِيطِ هُجَّدَا
سَلِّمْ عَلَى الَّذِينَ مُزِّقُوا
هُنَاكَ رُكَّعاً وَسُجَّدَا
هُمْ نَفَرُوا فِي الْحَرِّ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارْ
وَحِينَمَا تَرَاقَصَتْ فِي حَيِّنَا عَرائِسُ الظِّلاَلْ
وَنَحْنُ دَائِماً إِلى لَهِيبِهَا صُعْرُ
هُمْ نَفَرُوا
وَالظَّمَأُ القَتَّالُ يَسْتَوْطِنُهُمْ وَالْجُوعُ وَالفَقْرُ
هُمْ نَفَرُوا فِي زَمَنِ العُسْرَةِ أُعْطُوا نَاضِحاً
فَارْتَحَلُوهُ ٱتَّخَذُوا الرَّصَاصَ زَاداً لَهُمُو
وَعِنْدَ إِشْرَاقِ الدُّجَى قَدْ خَرَجُــوا:
يَا حَبَّذَا الْجَنَّةُ وَٱقْتِرَابُهَا
طَيِّبَـــةً وَبَـــارِداً شَـرَابُهَا
****
يَا رَاكِباً إِمَّا بَلَغْتَ البَحْرَ ذاتَ لَيْلَةٍ فَبَلِّغَنْ أَحْبابَنَا أَنْ قَدْ أَتَتْنَا مِنْ صَلاَتِهِمْ عَصَافِيرُ اللَّظَى فَزُلْزِلَتْ أَغْصَانُنَا غُصْناً فَغُصْناً عَلَّمَتْنَا أَنْ نَشُقَّ البَحْرَ أَنْ نُؤَجِّلَ الدُّخُولَ إِلَى عَرِيشِنَا ٱلْمَفْرُوشِ بِالأَشْجَارِ وَالعُشْبِ الدَّفِيءِ أَنْ نَفُكَّ أَسْرَنَا مِنْ سَطْوَةِ الثِّمَارِ مِنْ حَرَارَةِ الظِّلاَلِ أَنْ نَقُولَ لاَ إِذَا عَوَتْ فِي جَوْفِنَا نُفُوسُنَا الْمُبَلَّلَهْ
بَلِّغْهُمُو يَا نَهْرُ أَنَّ خَيْلَنَا مُسْرَجَةٌ مُسَوَّمَهْ
أَنَّ لَهَا مَنَاخِراً مِنْهَا تَنَفَّسَ السَّمُومُ
أنَّا حَذَوْنَاهَا مِنَ الصَّوَّانِ سَبْتاً قَدْ أَزَلَّ
وَكَأَنَّ صَفْحَةً لهُ أَدِيمُ
بَلِّغْهُمُو أَنَّ لَنَا كَفًّا عَلَى الأَعِنَّةِ الأَسِنَّةِ الزُّرْقِ
وَكَفًّا قَدْ مَدَدْنَا لِلْمُخَلَّفينَ
مِنْ أَحْبَابِنَا حِبَالَهَا السُّمْرَ
وَمَاحِبَالُهَا بِأَرْمَامٍ وَلاَ أَقْطَاعِ
هَا إِنَّ أَنْوَارَ الْهُدَى تَؤُجُّ فِي القُلُوبِ أَجًّا هَا هِيَ الأَشْجَارُ قَدْ تَوَاصَلَتْ تَكَاثَفَتْ تَجَمَّعَتْ هُنَاكَ تَمْلأُ السَّمَاءَ تَمْلأُ الأَرْضَ وَتَطْوِي السَّهْلَ تَطْوِي الْجَبَلَ الصَّعْبَ فَبَشِّرْ أَيُّهَا النَّهْرُ الْحَبِيبُ رَهْطَنَا بِأَنَّ خَلْفَ النَّقْعِ أَشْجَاراً وَأَشْجَاراً فَحِيحُهَا يَصُمُّ الْبِيدَ مَنْ مِنَّا يَكُونُ الأَوَّلَ الطَّالِعَ مِنْ خَلْفِ الغُبَارِ الْمُرِّ يَا لَيْتِي مَعَ ﭐلأَشْجَارِ يَا لَيْتِي مَعَ النَّقْعِ الْمُثَارِ أَمْتَطِي الرِّيحَ وَأَنْجُو مِنْ سُعَارِ نَفْسِي:
يَا نَفْسِ إِلاَّ تُقْتَلِي تَمُوتِي
هَذَا حِمَامُ الْمَوْتِ قَدْ صَلِيتِ
وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيتِ
إِنْ تَفْعَلِي فِعْلَهُمَا هُدِيتِ