الخميس ١٩ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨
بقلم محمد أبو الفتوح غنيم

بين النقد والنقض

النقد هو معرفة المحاسن وإظهارها لدراستها ومعرفة المآخذ والإشارة إليها لتفاديها أما النقض فهو الهدم بالمناقضة وبين هذا وذاك تدور عجلة التعقيب على النص فبين ناقد وناقض وبين هادم وبان.

من المؤكد أن النظرة النقدية تختلف باختلاف العمل كما تختلف باختلاف الناقد، فكلما كبر الناقد وصغر العمل كلما زادت الفجوة بينهما مما قد يدعو الناقد إلى إهمال النص وربما نفيه خارج حدود الأدب -من منظوره- وقتل تلك الموهبة في الناشيء، وعلى العكس تماما كلما كبر النص وصغر الناقد كلما زادت الاستفهامات والتعجبات فبين استفهام لجهل بمادة النص أو بالتراكيب اللغوية وتعجب ناتج عن افتقار إلى الخلفية الأدبية اللازمة.

رغم ما قد نراه من تباين بين الصورتين إلا أن الناقد الحق لازال يحمل نفس الكم من المخزون الفكري والأدبي الذي يؤهله لنقد كبرى الأعمال ولكنه حقيقة لا يرى إساءة لذاته أن ينظر في الأعمال الصغيرة ليس فقط بعين الناقد وإنما بعين المرشد والمعلم، فمع افتقار أمتنا إلى لغتها وحاجة الشباب إلى تعلمها نحوا وصرفا -فضلا عن تعلم الشعراء علوم الشعر من عروض وقوافي- نجدنا في حاجة لمن يرشد الشباب إلى ذلك خاصة وأن الأدب ليس حكراً على متخصص في اللغة -بل ربما بعض فروعه- ولكن التميز بلا شك لكل متقن ومجد.

لا يسعنا أن ننكر أن الموهبة موجودة وأنها حقيقة وأن في بدايتها وعند اكتشافها تكون مشوهة محتاجة إلى صقل ومتابعة حتى تتخذ شكلها الأولي الذي يُمَكِّنُ الموهوب من وضع قدم راسخة فيما يحسن ومن ثم إضفاء نظرته الخاصة ومحاولة التجديد في الفكرة ومواكبة عصره، ولهذا فينبغي علينا ألا نمنع هؤلاء أو نصيبهم بالإحباط عن طريق نقض أعمالهم، وأن نضع في اعتبارنا أنها بدايات وأنه ينبغي أن نتابعهم ونحفزهم ونصقل وننمي موهبتهم، مراعاة للظروف المحيطة والتي أوصلت اللغة إلى هذا الحال المحزن.

ينبغي أن نعلم أن هذه الكلمات ليست دعماً أو تشجيعاً للشباب بقدر ما هي مسعى للحفاظ على اللغة و تعليمها وتوريثها بصورة صحيحة لأنه لا يحفظ هذه اللغة بعد الله تعالى إلا الأدباء فواجبنا تجاه لغتنا أن نثريها بشبابها لا أن نقف لهم بالمرصاد وكأننا ولدنا أدباء وعلماء، ولهذا فإنه ينبغي علينا أن نأخذ بأيدي الشباب عن طريق نقد أعمالهم بعيدا عن نقد الكبار الذي قد يثقل عليهم كفاية فيدعوهم إلى هجر ما قد يبدعون فيه لو تعاهدناهم فنكون بهذا قد خسرنا وخسرت لغتنا أديبا ربما يصبح من دعائمها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى