

بيسان
" بيسان" كانت واحةً منسيةً في سالف الزمانْوطفلةً مسبيةً مجهولة العنوانقد طرّزت جلبابها شقائق النعمانواحتضنت يمينها طاقة أقحوانتجوبُ أرضَ " الغور" تذرعُ الزمانَ والمكانْفي وهَج الشمس الذي أحالَ وجهَها حقولَ أُرجوانْعهدتها تسأل عن فتىكان اسمُهُ " كنعان"واعدها بطَرحةٍ وقُبلتي حنانْوما وَفَى بوعدهِلعله قد أخطأ العنوانْمن يُبلغُ " الفاضلَ" يا رجالْ: ( 1 )بيسانُ صارت نُزُلاً في شارع النضال(2)ملاذَ عابِرينْ، وليلَ تائهينْفي الزمنِ اللعينْبيسانُ باعت ثديهابحفنتي طحين، و"كرت" لاجئينْونسيت قاضيَها الفاضلَواغتالت صلاح الدينْوفتحَهُ المبينْكأنها ما جاورت "حطين"ولم تَعُدْ كعهدها مَخاضةً وطينْوحقلَ ياسمينْعلى ضفاف النهرِترتاحُ على ساعدهِ اليمينْبيسانُ باعت نفسها لعابري السبيلْرخيصةً، صاعًا من الدقيقْونَسلتْ في عارِها قوافلَ الرقيقْبيسانُ خلف النهر في سُكونها تنامْخلفتها يلفها ظلامْولا تميطُ عن عيونها غشاوةَ اللثامْكيف أراها ههنا في فَيءِ نخلتينْوضوءِ شرفتينْوكيف صارت نُزُلاً مأوىً لتائهَينْطوّح جثتيهما ببابه المساءْبيسانُ صارت ههنا سرير عاشقَينْظلا على رغمهما طيرينِ شاردينْقال لها الغريب عند قبلةِ المساءِ كِلمتينْكررها اثنتين:- من أين يا فاتنتي ؟ من أين؟ولم تجبْوعند قبلة الصباح كرر السؤالْوظل بَينَ بَينْمُعلقاً بخيط كِلمتينْوذرفت بيسانُ دمعتينْوهمست: - بيسانكان اسمها بيسانمسقط رأس أمها بيسانوالفندق الذي أوتولم يُراودِ النعاسُ فيه جفنهاكان اسمهُ بيسانلم يبق من بيسان حيًا سوى عنوانومرج أقحوانْوغير ما يزرع في أحشائها القُرصان.
( 1 ) القاضي الفاضل : هو عبد الرحيم بن علي البيساني ، وزير صلاح الدين و أبرز أدباء عصره.
( 2 ) فندق بيسان في شارع النضال ببغداد.