الأحد ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
بقلم سليمان نزال

التوأم..

قابلتهُ في منتصف الصرخة, عند زاوية الشارع العجوز..و راحَ يحصي لي , على الواقف, مرض السنين الأخيرة في حياتنا, بين مصدق و مكذب, أخذتُ بأطراف الحيرة و بدأتُ أسأله عن اسمي, فإذا تعرَّفَ عليَّ معانقةً, ادركتُ أننا في الهم شرق و في الشرق مواجع و حروب., فلم يشرِّق أو يغرِّب في زفراتي. لكنه ,كان مثلي يحدقُ في فكرة مناسبة تقودنا إلى حديث..يصل الماضي بالحاضر على جسور المستقبل.. و لا يتقطع مع الغصَّات المصاحبة و لا يتواشج مع ذبذبات التردد المتبادل في صوتينا..

لم أمهله حتى يجمع انفاسه في عبارة..بل أنا الذي بادرتُ.. و دعوته لشرب الشاي في غرفتي المنعزلة بين محاولتين..وافقَ بإشارة من رأسه, فرأيتني أحركُ رأسي في نفس الاتجاه و على ذات الايقاعات الساكنة..مشينا على أقدامنا مسافة ذكرى و سبعين خطوة.. وصلنا إلى العمارة حيث تقع غرفتي في الطابق السفلي, و كنت قد استأحرته, حقيقة ,و قبل ثلاث سنوات من الغزوة الأخيرة من البواب "سعفان" الذي انتقلَ بعد اقترانه بصبية من عمر اولاده, ليقيم في شقة فخمة بنفس البناية..سعفان لم يكن أكبر مشاكلي, فقد ظل أميناً على" العشرة" دون أن ينسى أخذ" البقشيش" بانتظام..

رأيتُ صديقي يتعرق..فأخذتُ منديلي و مسحتُ جبيني من آثار الطريق وكذلك من زحف الغبار الذي تكاثرَ بصورة مقيتة و مزعجة, في شوارعنا بعد الانتخابات الأخيرة..

قلتُ له و نحن على الباب:

تعال, تفضل بالدخول.. لكن أقدامي كانت تسبقه إلى داخل حجرة الأسى و مراجعات الصدى في أصعب غاراته..دخلنا في النهاية بجسد منهك, و ابصرته يجلس على الكرسي الوحيد في غرفتي, و لم أنتبه إلى جلوسي..بنفس الطريقة و نفس الموضع.

كانت "القطةُ" قد كسرتْ لي فناجيني في آخر عهد لي بالفراشات, من بين ما كسرت من أدوات للقلب ..و يبدو أنها لم تشاهد فنجاني الأخضر , حيث كان مندساً بين دفاتري و كتبي و أحلامي..

لم أشعر بعد أن صنعت الشاي , بأن يدي أو يده فارغة من فنجان..

لم أفهم, بعد أن تركني, دونما استئذان, لماذا لم أفطن, منذ لقاء منتصف تلك الصرخة , في زاوية الشارع العجوز..بأنه كان يرتدي نفس الثياب.. و يلبسُ نفسَ القبعة و يتجول مثلي حائرا ً بين برتقالتين.

لم أخرج من الحلم كما تخيلت في لحظة سادرة, بل ذهبتُ إليه..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى