

أبا الفراتين، كم في الموت من عجبِ!
إلى متنبي العصر، شاعر العرب الكبير محمد مهدي الجواهري، و قد قيلت هذه القصيدة في رثائه بعد أيام من وفاته، و أعيد نشرها اليوم في الذكرى الرابعة عشرة لرحيله.
أبا الفراتين كم في الموت مــن عجــبِالصمت أبلغ من قولٍ ومــن عتــــــبِيا حكمة الله كــــم ساوت بمنطقهـــــــابين العَيِيِّ وبين الحــــــــاذقِ الأربِيُوَحِّدُ الموتُ أحوال العبـــــادِ علــــىدمعٍ صبيبٍ غزير المَدِّ مُنسكــــــــبِما كان حقك أن تُرثى بقـــــافيــــــــة ٍمن القريضِ ولا فيضٍ من الخُطــبِفأنت للشعر والإبـــــداع مُلهِمَــــــــه ُوأنت كوكبه الدُرّيُّ لم يغـــــــــــبِالدهر يُنشد إذ جــــــددت ثانيــــــــة ًمــــن ادّعى ذات يومٍ إنه لنبـــــــي [1]قرناً من الدهر قد جـــابهتَ منفــرداًهول العواصفِ والأنــواء والنُــوَبِ [2]فكنت فارسها المغوار ، مُسعِرَهــــاوكنت خير فتىً يا صفوة النَسَـــــبِما وثبةُ الجسر عن بالـــي بغائبــــة ٍولا صمــودك تغشى كل مغتصِـب [3]ما حلفُ بغداد والأيــــامُ شاهــــــدة ٌلقوسك الصلب نبعاً ليس بالغَـــرَبِترمي الأعادي وأذنابًا لهـم تبعـًــــامُسيرين وإن عُدّوا من العـــــربِتَرجّلَ الفارس المرهـــــوبُ جانبـُــــــهُليستريح من الإعياء والنَصـَــــــــبِأنخْ ركابكَ فالفيحـــــــــــاءُ وارفــــــةٌظلالُها وبنــــــوها أقربُ القـُـــــرُبِ [4]"أرح ركابـــــك من أينٍ ومن عثَـــــرٍكفاك جيلان محمـــولاً على التعــب"يا شامُ ضيفك أغلــــــى أن يواريـَــــهُتبرٌ مــن الأرض أو يُختَط َفي التُرَبِفوسديه عيون الغِيــــــدِ هاميـــــــــــةًوأطبقي حــوله بالجفن والهُــــــــدُبِأبا فرات ، رمــــــاد ٌكل ما نفخـــــتشِدقاك فيه ،فما أسعـــرت من لهـــبِإلا وهبت رياحٌ هـــــوجُ عاتيـــــــــةٌوأخمدت جــذوة الآمــــــال والأرَبِيُوحدُ الرُزءُ أبناء الشعــــــــوب ولايفُرق الرُزءُ إلا شعبنا العـــــــربيذكرتُ يافا التي يومًا حللتَ بهـــــــاتوَّجـــــتَ هامتها بالغار والشُهُـــبِ [5]يافا التي أفلت من ساح أمتنـــــــــــاتبكي فتاها الذي نادت ولـــم يُجــبِتبكيك بغداد يا ابن الرافدين فمــــــاجفت دمـــوعٌ ولا عاف البكاء أبي [6]ضاق العراقُ على المهدي وهمّتـــــــهفأنفد العمر في مَنفًى ومُغتَــــــــــرَبِ"يا ويح بغداد قد دار الزمــــــــان بهاوبدلت بأ بـــــي ذرٍ أبـــــا لهـــــبِ "فلا الرشيد يقود اليوم صائفـــــــــــــة ًولا بنــوه ذوو التيجان والـــرُتَـــــبِ [7]وليس معتصمٌ في غزو رومِيَــــــــــة ٍ"وقد تقدمه جيشٌ من الرُعُــــــــــبِ"قد عافها من بنيها كــــل نابغـــــــــة ٍ"جواهريُّ" يصوغ القول من ذهـبِهاموا على طرقات الأرض قاطبــة ًتقطعت بهم الأسباب واعجبـــــــي!على بلادٍ ينوش المــــوت فتيتهــــاعلى الدروب بلا ذنبٍ ولا سبــــبِسوى طلابِهمُ حريـــــــــةً سُلبــــتأنعم بطالبها المقــــدام والطلـــــبِأبي فرات الذي لم يحن هامتـــــــهإلا لخالقه أو شـــــــــــــارة الأدبِإذا الجموع انتشت شوقاً لشاعرهـاوصفّقت ،هتفت من شدة الطــربِأحني لها هامةً شمـــاءَ شامخـــــة ًما عُفّرت مرة بالمَين والكـــــذبِأبا فرات وداعاً لا لقـــــــاء لــــــهُروّى ضريحك فيض الغيثِ والسُحبِوجيرةٍ لصــــلاح الدين هانئــــــــةأضفت مجداً إلى ما خُــط بالقُضُبِ [8]فالسيف والقول في بُرديكما اجتمعاوالرافدان ،فذا أمـــي وذاك أبــــي